ـ(235)ـ وكان صلّى الله عليه وآله وسلم يعظ أصحابه ويرشدهم إلى التعامل الإسلامي في السوق وفي الأعمال الاقتصادية، وكان الأغلب منهم يستجيبون لـه، وكان الوازع الذاتي متحكماً فيهم، لذا كان استخدام العقوبة نادراً في عصره صلّى الله عليه وآله وسلم. وكان علي عليه السلام كل يوم:(يطوف في أسواق الكوفة سوقاً سوقاً ومعه الدرّة على عاتقه فيقف على كل سوق فينادي: يا معشر التجّار قدّموا الاستخارة، وتبرّكوا بالسهولة، واقربوا من المبتاعين... وتجافوا عن الظلم، وأنصفوا المظلومين، ولا تقربوا الربا... أوفوا المكيال والميزان...)(1). وفي عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الاشتر أوصاه بالاهتمام بالعمران أكثر من جمع الخراج، وأن يتابع حركة السوق ويراقب جميع الطبقات الاقتصادية وأن يبعث العيون على العاملين في الحقل الاقتصادي من موظفي الدولة ثم يقول لـه:(ثم استوص بالتجار وذوي الصناعات، وأوص بهم خيراً... وتفقد أمورهم بحضرتك وفي حواشي بلادك... واعلم ـ مع ذلك ـ أنّ في كثير منهم ضيقاً فاحشاً وشحاً قبيحاً واحتكاراً للمنافع، وتحكماً في البياعات... فامنع من الاحتكار... وليكن البيع بيعاً سمحاً بموازين عدل، وأسعار لا تُجحف بالفريقين من البائع والمبتاع، فمن قارف حركة بعد نهيك إيّاه فنكلّ به، وعاقبه في غير إسراف)(2). ومن واجبات الحاكم أن يتدخل بما مسموح لـه في دائرة(الفراغ التشريعي) من تطبيق المفاهيم على مصاديقها في الحفاظ على أموال الناس من الاعتداء والسرقة والابتزاز، وأن يقوم بإجراء جميع العمليات المؤدية إلى الاكتفاء الذاتي واستقلال الاقتصاد الإسلامي عن الهيمنة الغربية لكي يحقق الرفاهية لجميع الرعايا، وقد قطعت الجمهورية الإسلامية في إيران بقيادة الخامنئي(حفظه الله) أشواطاً من التقدّم القياسي في ___________________________ 1ـ سفينة البحار 1: 450، عباس القمّي، دار الأسوة 1414 هـ، ط 1. 2ـ نهج البلاغة 438.