ـ(169)ـ أصبحنا نتعامل مع من نحب على أنهم يصيبون ولا يخطئون. الإسلام شيء، وفقه الإسلام شيء آخر. الفقيه ليس الإسلام، وإنّما يخضع للإسلام، وهو يسعى إلى فهمه ومعرفته والكشف عن مقصده وهدفه وروحه وجوهره. ومهما كان الفقيه فلن يتجاوز حد البشر. ثم ليس مما يقلل من قيمة الفقيه كونه لم يحط بكل شيء، ولكن حسبه أن يعطي شيئاً ولو يسيرا، وهذا هو التقدير الحقيقي للبشر. الهدف أن يبقى الإسلام سليما معافى، والفقيه فقيها، ولا يعرف الإسلام بالفقيه، وإنّما يعرف الفقيه بالإسلام. ومن الصواب ربط الفقه بالإسلام، ومن الخطأ ربط الإسلام بالفقه. من الصواب ربط الفقهاء بالإسلام، ومن الخطأ ربط الإسلام بالفقهاء وحين حدث هذا الأخير ظهرت الصورة الضيقة للإسلام، ظهر جانب معين واختفت جوانب. هل يمكن أن يكون فقه الفقهاء معيارا للإسلام؟ لو اننا نظرنا إلى فقه الفقهاء، على علو قدرهم وسمو مكانتهم وعظيم اجتهادهم وسعة علمهم بالإسلام، بكتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم، على أنه هو الفقه الذي ليس وراءه لمستزيد أن يزيد، لكان نظرنا هذا هو السد الذي يقوم أمام كل من يريد أن يدلي بدلوه بعدهم، ولأصبح بعدهم النظر في كتاب الله وسنة نبيه صلّى الله عليه وآله وسلم لا طائل منه، وفي هذا تعد على الإسلام، وفي هذا إساءة لهؤلاء الفقهاء الأعلام. من قال منهم: "إن أبواب الفقه قد أوصدت من بعدهم"؟ هل هذا جزاؤنا لهم على عظيم ما بذلوا وما اجتهدوا؟... أما قال الإمام مالك رضي الله عنه "مأمنا إلا من رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر" وأشار إلى قبر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، حين كان يقي دروسه في المسجد النبوي الشريف. وأما قول الغزالي "ليس في الإمكان أبدع مما كان"، فإنه لا يتناول فقه الفقهاء، وإنّما