[ 200 ] وقد تقدمت قصة بلال رضى الله عنه لما شد رحله لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام، فلما وصل الضريح المكرم جعل يمرغ وجهه عليه ويبكي (1). وقوله: (ولا دعاء هناك). قضية سياقه أن الأجماع على أنه لا يدعو عند القبر، وهي دعوى عريضة. ثم أكد ذلك بقوله: (إنما يفعلونه في المسجد). ثم أردف ذلك بقوله: (وكان السلف من الصحابة والتابعين إذا سلموا عليه، وأرادوا الدعاء، دعوا مستقبلي القبلة، ولم يستقبلوا القبر). ثم قال: وأما وقت السلام فقال أبو حنيفة: يستقبل القبلة ولا يستقبل القبر، وقال أكثر الأئمة: يستقبل القبر عند السلام خاصة، ولم يقل أحد من الأئمة: إنه لا يستقبل القبلة عند الدعاء إلا في حكاية مكذوبة عن مالك، ومذهبه بخلافها. ثم أردف هذا بأمور يجسر بها على الأغمار، يتخيل الواقف عليها من العوام حسم باب الزيارة لقبره عليه الصلاة والسلام. والحاصل من كلامه: أنه لا يدعى عند القبر بالاتفاق، ولا يستقبل القبر عند ________________________________________ (1) انظر تمريغ سيدنا بلال وجهه على ضريح خير الخلق، وبلال هو بلال، تجده صورة طبق الأصل لما يحصل من كثير من الزائرين اليوم والزائرات للصالحين من أهل البيت وغيرهم، ويقوم ويقعد كثير من المتنطعين لذلك، ولا يرضون لفاعله غير الشرك بالله، ليحكموا بذلك على بلال الذي يعد من أجلاء الصحابة، وهو مؤذن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. ليعلم أولئك المتنطعون أن ذلك أثر وجد في النفوس لا يشعرون هم به، يحمل أهله على التبرك بما يجاور حبيب ربهم، وهو من باب قول القائل: أمر على الديار ديار ليلى * أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي * ولكن حب من سكن الديارا هذا قصد أولئك المؤمنين في لمسهم ضريح الصالح من العباد، لا العبادة كما يتوهم مظلمو القلوب مسيئو الظن بالمؤمنين، فليعلم. انتهى. مصححه. (*) ________________________________________