[ 53 ] أمضى لك أمير المؤمنين من رأيك ما أمضيت، وولايتك من وليت، فاستوص بحسان خيرا فإنه ميمون الطائر، والسلام. جوابه فلما قدم الكتاب على عبد العزيز كتب إلى أخيه عبد الملك: أما بعد، فقد بلغني كتاب أمير المؤمنين في عزل حسان، وتوليتي موسى بن نصير، وقد كان لمثلها مني منتظرا في موسى، ويعلمني أنه قد أمضى لي من رأيى فيما أمضيت، وولايتي من وليت، وقد علمت أن أمير المؤمنين يتفاءل بحسان للذي فتح الله على يديه، ولم أعد مع نظري لامير المؤمنين، بأن عزلت حسان، ووليت موسى في يمن طائره، وحسن أثره: فأما قول أمير المؤمنين: قد كنت أنتظرها منك في موسى، فلعمري لقد كنت لها فيه مرصدا، ولامير المؤمنين أن يسبق بها إليه منتظرا، حتى حضر أمر جهدت فيه نفسي لامير المؤمنين. ولنفسي الرأى والنصيحة، والسلام. كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك قال: وذكروا أن عبد العزيز كتب إلى عبد الملك، أما بعد: فإني كنت وأنت يا أمير المؤمنين في موسى وحسان كالمتراهنين أرسلا فرسيهما إلى غايتهما فأتيا معا، وقد مدت الغاية لاحدهما (1)، ولك عنده مزيد إن شاء الله (2)، وقد جاءني يا أمير المؤمنين كتاب من موسى، وقد وجهته إليك لتقرأه، وتحمد الله عليه، والسلام. جوابه فكتب إليه عبد الملك: أما بعد، فقد بلغ أمير المؤمنين كتابك، وفهم المثل الذي مثلته في حسان وموسى، ويقول لك عند أحدهما مزيد، وكل قد عرف الله على يده خيرا ونصرا، وقد أجريت وحدك (3)، وكل مجر بالخلاء مسرور (4)، والسلام. ________________________________________ (1) الغاية: هي النهاية أي المكان الذي ينتهى عنده السباق. (2) أي أنه سيمد غايته ثانية ومعنى ذلك أنه يتصل نصره وكلما وصل إلى غاية مدها إلى غيرها. (3) أجريت وحدك: أي أرسلت موسى فوصل إلى غايته ولم أرسل أنا حسان حتى يظهر إن كان يسبق موسى أو لا يسبقه. (4) كل مجرى بالخلاء مسرور ؟ أي كل شخص يجرى فرسه وحده بدون فرس آخر معه يسر من جريه لانه لا مفاضلة بينه وبين غيره، يريد عبد الملك أنه لا يظهر فضل موسى إلا إذا ظهر عجر حسان عن إدراك ما أدركه موسى. (*) ________________________________________