[ 16 ] بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنها قال: وذكروا عن بعض المشيخة من أهل العلم بذلك، قالوا: كان ابن زياد أول من ضم إليه الكوفة والبصرة، وكان أبوه زياد كذلك قبله، فلم يزل عبيد الله يتبع الخوارج ويقتلهم، ويأخذ على ذلك الناس بالظن، ويقتلهم بالشبهة، واستعمد إلى عامتهم، وكان بعضهم له على ما يحب. قال: فلما اختلف أمر الناس، ومات يزيد، وامتد سلطان ابن الزبير، وغلظ شأنه وعظم أمره، وخلع أهل البصره طاعة بني أمية، وبايعوا ابن الزبير، خرج عبيد الله بن زياد إلى المسجد، فقام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس، إن الذي كنا نقاتل على طاعته قد مات، واختلف أمر الناس، وتشتتت كلمتهم، وانشقت عصاهم، فإن أمرتموني عليكم جبت فيكم، وقاتلت بكم عدوكم، وحكمت بينكم، وأنصفت مظلومكم، وأخذت على يد ظالمكم حتى يجتمع الناس على خليفة. فقام يزيد بن الحارث بن رويم اليشكرى وقال: الحمد الله الذي أراحنا من بني أمية وأخزى ابن سمية، لا والله ولا كرامة، فأمر به عبيد الله فلبب، ثم انطلق به إلى السجن، فقامت بكر بن وائل، فحالت بينه وبين ذلك. ثم خرج الثانية عبيد الله بن زياد إلى المنبر، فخطب الناس، فحصبه الناس ورموه بالحجارة وسبوه، وقام قوم فدنوا منه، فنزل فاجتمع الناس في المسجد. فقالوا: نؤمر رجلا حتى تجتمع الناس على خليفة، فاجتمع رأيهم على أن يؤمروا عمرو بن سعد بن أبي وقاص وكان الذين قاموا بأمره هذا الحي الذي من كندة، فبينما هم على ذلك إذ أقبل النساء يبكين وينعين الحسين، وأقبلت همدان حتى ملاوا المسجد، فأطافوا بالمنبر متقلدين السيوف، وأجمع رأي أهل البصرة والكوفة على عامر بن مسعود ابن أمية بن خلف، فأمروه عليهم حتى يجتمع الناس، وكتبوا إلى عبد الله بن الزبير يبايعونه، بالخلافة، فأقره عبد الله بن الزبير عاملا عليهم نحوا من سنة، واستعمل العمال في الامصار، فبلغ أهل البصرة ما صنع أهل الكوفة، فاجتمعوا وأخرجوا الريات، فلم يبق أحد إلا خرج، وذلك لسوء آثار عبيد الله بن زياد فيهم، يطلبون قتله. ثم قام ابن أبي ذؤيب فقال: يا هؤلاء من ينصر الله ينصر الكعبة، من يغار على ابن سمية، سارعوا أيها الناس إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض، واجتنبوا هذه الدعوة، وأقيموا أود هذه البيعة، فإنها بيعة هدى، فإنه من قد علمتهم عبد الله بن الزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته وابن أسماء بنت أبي بكر الصديق، أما والله لو أن أبا بكر علم أنه بقى على الارض من هو خير منه وأولى بهذه البيعة، ما مد يده، ولا نازعته إليها نفسه، أما والله لقد علمتم ما أحد على وجه الارض خير ولا أحق بها إلا هذا الشيخ عبد الله بن عمر، المتبرئ من الدنيا، المعتزل عن الناس الكاره لهذا الامر، ثم خرجت الخوارج من سجون عبيد الله ابن زياد، واجتمعوا على حدة، ________________________________________