[ 337 ] فيه على مطلوبه أصلا (1) فضلا عن أن يكون صريحا فيه والله أعلم. (قلت: فكيف يصنعان ؟ قال: ينظران [ إلى ] من كان منكم) أي من أهل ملتكم ومذهبكم. (ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا) أي عرف أحكامنا كلها على الظاهر أو بعضها مما يحتاج إليه في الحكومة من مأخذها على احتمال وهو الكتاب والسنة معرفة بالفعل أو بالقوة القريبة منه، وهذا هو المعبر عنه بالفقيه الجامع لشرائط الفتوى والحكومة بين الناس ولا يجوز لمن نزل عن مرتبته تصدي الحكومة وإن اطلع على فتوى الفقهاء بلا خلاف عند أصحابنا (2). (فليرضوا به حكما) الحكم بفتح الحاء والكاف الحاكم وهو القاضي. (فإني قد جعلته عليكم حاكما) فيه دلالة على أن الراوي الموصوف بالصفات المذكورة والفقيه المنعوت بالنعوت المسطورة منصوب للحكومة على وجه العموم من قبلهم (عليهم السلام) في حال حضورهم وغيبتهم وعلى أنه يجب عليه الإجابة والقيام بها عينا إن لم يوجد غيره وكفاية إن وجد، وعلى أنه يجب على الناس الرضا بحكومته والترافع إليه ومساعدته في إمضاء أمره عند الحاجة. (فإذا حكم بحكمنا) المأخوذ من قول الله وقوله رسوله (صلى الله عليه وآله). ________________________________________ 1 - ظاهر الحديث حرمة الترافع إليهم وإن كان الحق له وانحصر استنقاذه على استعانة الظالم واختاره الشارح وهو حسن لأن ضرر تسلط الظالم في الدين والدنيا أعظم من أن يحيط به العقول والأوهام ولا يقاس بأي ضرر آخر، والظاهر أن الشهيد (رحمه الله) استدل على مطلوبه بأن الإمام (عليه السلام) خصص الذم والتقريع بصاحبه الذي أجبره على الترافع إلى الظلمة وسكت عن أمره بعدم اتباع صاحبه في مقام البيان وهذا كالصريح في مطلوب الشهيد (رحمه الله) مثل أن يقول أحد منعني فلان من الماء حتى لو أتمكن من الوضوء وتيممت فقيل بئسما فعل فلان إذ منعك من الماء وسكت عن الحكم بإعادة الصلاة. والتجري عن عظماء المجتهدين من سوء الظن. (ش) 2 - بينا ذلك في حاشية الوافي وأشرنا إليه فيما سبق، وقلنا: إن أسامي الصناعات لا تطلق على أربابها عرفا إلا على المجتهدين فيها فلا يطلق النجار على من يجمع الأخشاب والدروب ويبيعها وكذلك الحذاء على بائع الأحذية والنعال والمطلع على فتاوى الفقهاء بمنزلة بائع الأحذية لا بمنزلة الحذاء، والطبيب لا يطلق على من حفظ أسامي الأدوية والأمراض بل على من عرف تشخيص الأمراض بالعلامات وعلم ما يقدم وما يؤخر من العلاج وأن يميز زمان استعمال كل دواء وترجيح بعض العلاجات على بعض في مزاج مزاج وغير ذلك. ولعمري أن هذا واضح ولم يستشكل فيه من استشكل إلا لشبهة حصلت له ولعله ظن حفظ اصطلاحات المتأخرين والتدرب في المجادلات والحنكة فيها اجتهادا ! ويدل على ظنهم هذا أنهم لا يعدون رواة عصر الأئمة مجتهدين لأنهم لم يصطلحوا على ما هو المتداول في زماننا من أصل البراءة والاستصحاب والترتب وإن كانوا عاملين بمعانيها مميزين لمواردها. وبالجملة: لا يجوز لغير المجتهدين التصدي للافتاء بغير خلاف. (ش) (*) ________________________________________