[ 326 ] قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب ثم يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر ؟ فقال: إنا نجيب الناس على الزيادة والنقصان) أي الزيادة والنقصان (1) في الكلام على حسب تفاوت المراتب في الأفهام أو زيادة حكم عند التقية ونقصانه عند عدمها وذلك لأنهم (عليهم السلام) كانوا على خوف وتقية من بني امية وبني العباس، لأن هؤلاء الشياطين نصبوا لهم ولشيعتهم عداوة وكانوا يحبسون شيعتهم ويقتلون مواليهم حيث وجدوهم بل ربما كانوا يبعثون من يسألهم ويظهر أنه من شيعتهم لكي يعلم أسرارهم، يظهر لك لمن نظر في السير والآثار فهم (عليهم السلام) كانوا قد يجيبون من سألهم عن مسألة بجواب غير جواب من سألهم عنها قبل ولم يكن ذلك مستندا إلى النسيان والجهل بل لعلمهم بأن اختلاف كلمتهم أصلح لهم وأنفع لبقائهم إذ لو اتفقوا لعرفوا بالتشيع وصار ذلك سببا لقتلهم وقتل الأئمة (عليهم السلام). (قال: قلت: فأخبرني عن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) صدقوا على محمد أم كذبوا ؟ قال: بل صدقوا) (2) كان منصور سأل عن حال الأصحاب المؤمنين الحافظين لخطابه لأنك قد عرفت سابقا (3) أن المنافقين ومن وهم في خطابه من المؤمنين قد كذبوا عليه. (قال: قلت: فما بالهم اختلفوا ؟) في الرواية عنه لأن ما رواه بعضهم قد ينافي ما رواه الآخر. ________________________________________ 1 - اختلاف الإجابة بالزيادة والنقصان غير عزيز ولا ينبغي أن يعد اختلافا، ولعل الإمام (عليه السلام) نبه السائل على أن يدقق النظر في بعض ما يراه مختلفا حتى يظهر له أنه ليس مختلفا فقد نحكي قصة واحدة بالتفصيل في صفحات وقد نحكيها إجمالا في سطر. (ش) 2 - قال العلامة في النهاية على ما سبق: الأصل في الصحابة العدالة إلا عند ظهور المعارض وذلك لما روي في القرآن الكريم من مدح المهاجرين والأنصار وما روي في السنة أيضا فيهم ويخرج عن هذا الأصل من خرج إذا علمنا نفاقهم بالدليل ومن الدلائل القوية تقربهم إلى الظلمة وإعانتهم في الظلم، ولكن بعض أهل السنة يسبق ذهنهم من لفظ الصحابة إلى نحو عشرين رجلا منهم نالوا الإمارة على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) وعهد الخلفاء ولو تبرأ أحد منهم تبروا منه وإن تبرأ من غيرهم من المؤمنين المستضعفين لم يروا به بأسا مثلا إذا تبرأ من أبي ذر الغفاري وعمار بن ياسر وعمرو بن الحمق الخزاعي كما تبرأ منهم عثمان ومعاوية لم يروا به بأسا لأنه بالاجتهاد ولا ندري كيف جاز ضرب عبد الله بن مسعود وأبي ذر وغيرهما بالاجتهاد ولم يجز لعن عمرو بن العاص وطلحة والزبير بالاجتهاد وكلهم من الصحابة ؟ ! إلا أن هؤلاء كانوا من الامراء يحتشم من خلافهم وهؤلاء من الرعايا. والجملة: فإنا قائلون بفضل نحو عشرة آلاف وأزيد من صحابة الرسول (صلى الله عليه وآله) والخلاف في عدالة نحو عشرين رجلا منهم وهم قائلون بفضل هذا القليل ولا يبالون بالكثير. (ش) 3 - في القسم الأول والثاني من الأقسام الأربعة إلا أن القسم الأول وهو منافق كذب عليه عمدا. والقسم الثاني وهو المؤمن الذي وهم فيما رواه عنه وعبر عنه بعبارته الدالة على ما فهمه فإنه أيضا كذب عليه من حيث لا يعلم. (كذا في هامش بعض النسخ). (*) ________________________________________