[ 69 ] يهدوه) لضرورة أن مراده ومعلومه تعالى واقعان لا مرد لهما وإن كان الضلالة وأسبابها القريبة واقعة باختيار العبد لذلك خاطب الله تعالى رسوله بقوله * (إنك لا تهدي من أحببت) * (ولو أن أهل السماوات وأهل الأرضين اجتمعوا على أن يضلوا) عن طريق الحق ويخرجوا عن الصراط المستقيم (عبدا يريد الله هداه) أي إثابته بالجنة ونعيمها أو إرشاده في الآخرة إلى طريق الجنة وإيصاله الى المطلوب بسبب إيمانه وإحسانه في الدنيا باختياره، أو المراد بالإرادة العلم الأزلي بهدايته (ما استطاعوا أن يضلوه) لما عرفت (كفوا عن الناس) لعادلين عن الصراط المستقيم والمارقين من الدين القويم (ولا يقول أحد عمي) أي هذا عمي (وأخي وابن عمي وجاري) وقعوا في الضلالة فتبعثه الحمية النسبية والغيرة العصبية على أن ينجيهم منها طوعا وكرها (فإن الله إذا أراد بعبد خيرا) لعل المراد به نوع من اللطف الذي له تعالى بعباده وذلك اللطف قد يكون بمجرد التفضل لأنه تعالى كثيرا ما يخرج العبد من الشقاوة إلى السعادة تفضلا وإحسانا وقد يكون بواسطة رجوع النفس الأمارة الضالة إليه تعالى وقتا ما إذ مامن نفس إلا ولها رجعة إلى جناب الحق فربما يدركه اللطف الإلهي حينئذ (طيب روحه) عن خبائث العقائد الباطلة فيخرجه من الجه المركب إلى الجهل البسيط (فلا يسمع) بعد ذلك (معروفا إلا عرفه) فيعرف أنه حق في نفس الأمر (ولا منكرا إلا أنكره) فيعرف أنه باطل لا حقيقة له فيعدل عنه ويميل إلى المعروف (ثم يقذف الله في قبله) لحسن استعداده بلا واسطة أو بواسطة ملك موكل عليه (كلمة يجمع بها أمره) وهي كلمة الإخلاص التي يتخلص بها العبد عن العلائق الجسمانية ويترقى إلى الفضائل الروحانية ويتشرف بالعوائد الربانية أو كلمة الحكمة وهي شئ يجعل الله تعالى في القلب فينوره حتى يفهم المشروعات والمحظورات ويعلم المعقولات والمستحيلات. * الأصل: 2 - " علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن سليمان ابن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكا يسدده، وإذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطانا يضله، ثم تلا هذه الآية: * (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يريد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء) *. * الشرح: (علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن سليمان ابن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: إن الله إذا أراد بعبد خيرا) أي علم منه ذلك أو أراده لصفاء قلبه ________________________________________