[ 26 ] الجبر والتفويض ؟ (قال: لطف من ربك بين ذلك) اللطف: ما يقرب العبد إلى الطاعة ويبعده عن المعصية بحيث لا يؤدي إلى الإلجاد (1)، وهو يطلق تارة على الأمر والنهي كما يظهر ذلك من بعض الأحاديث الآتية، وتارة على اعتبار المصالح الكلية والجزئية في مواردها، وتارة على القوة التي لها سبيل إلى الفعل والترك كما دل عليه الحديث الآتي، وتارة على التوفيق والإعانة على الخيرات، وفيه دلالة على ما ذهب إليه المعتزلة والإمامية (2) من وجوب اللطف على الله سبحانه واستدلوا ________________________________________ 1 - قوله " لا يؤدي إلى الإلجاء " لأن الإلجاء يباين التكليف ومعنى الإلجاء أن يجعل الأوضاع والأحوال بحيث لا يمكن أن يفعل المكلف إلا الخير ويمتنع من الشر قهرا فإن قيل: إنا نعرف أمورا لو كانت موجودة كانت موجبة لقرب الناس إلى الطاعة وليست موجودة. قلنا لا نسلم ذلك بل كل شئ يتوهم من ذلك أما أن يكون غير ممكن أو غير مؤثر في تقريب الناس إلى الطاعة واقعا وإن ظنناه أو موجب للإلجاء وأكثر ما يتوهمه الناس من القسم الثالث فإن قيل: لا يمكن إثبات شئ باللطف على ما ذكرت إذ كل ما يدعي أنه لطف مقرب يحتمل فيه تلك الاحتمالات، قلنا جميع ما أثبتناه بقاعدة اللطف في علم الكلام مما علمنا إمكانه وتقريبه إلى الطاعة وعدم كونه موجبا للإلجاء وعلى المخالف أن يرينا موردا تخلفنا فيه عن ذلك والحاصل أنه إذا علم الله تعالى أن زيدا مثلا يهتدي إلى الحق بمنام يريه البتة ذلك المنام وإن علم أنه ينتبه بهلاك ماله يهلكه أو بزيادته يزيده أو بمرضه يمرضه أو بشفائه يشفيه وأن علم لا يهتدي بشئ يخليه ويخذله نعوذ بالله من الخذلان وأما إذا علم أنه لا يمتنع عن الفسق والفساد إلا بأن لا يتهيأ له أسبابهما لم يلجئه بذلك (ش). 2 - قوله " المعتزلة والإمامية " وجوب اللطف في مذهبنا مما لا ريب فيه ولم يخالف فيه أحد من يعتد بقوله ولا عبرة بخلاف بعض المعاصرين ممن لا إلمام لهم بالمسائل الاعتقادية ولا تمرن في الأحكام العقلية قال بعضهم في حاشيته على الكفاية عند بيان الإجماع المنقول: أن القاعدة باطلة يعني قاعدة اللطف لمنع وجوب اللطف عقلا كما نشاهد عدم تحقق اللطف في كثير من الموارد وإلا للزم عدم فعل اللطف الواجب على الله أو المعصوم تعالى الله وأوليائه عن ذلك انتهى، وخلافه في هذة المسألة نظير مخالفة من لا يعرف النحو في نصب الفاعل ورفع المفعول والأصل فيه أن كثيرا من علمائنا تمسكوا في الاجماع بقاعدة اللطف والإخباريون وحجية الإجماع وتجاوز من لا يعرف فأنكر القاعدة وذكرنا شيئا من ذلك في حاشية الوافي (باب صلاة الجمعة الصفحة 173) ومن أوهامهم الفاسدة أن العلم باتفاق الكل إجمالا متوقف على تتبع أقوال واحد واحد من العلماء تفصيلا وجوابه عدم التوقف كما أن العلم بالكبرى أجمالا في مثل المتغير حادث لا يتوقف على تتبع كل متغير ومنها أن العلم بدخول الإمام في المجمعين غير ممكن إلا بمشاهدته والسماع منه، وهو باطل لأن العلم = (*) ________________________________________