[ 658 ] إلى أممهم، وكان لكل نبي منهم مذكر عنه ووصي يؤدي ما استحفظه من علومه ووصاياه، فلما ختم الله عزوجل الرسل بمحمد صلى الله عليه وآله لم يجز أن يخلو الارض من وصي هاد مذكر يقوم بأمره ويؤدي عنه ما استودعه، حافظا لما ائتمنه عليه من دين الله عزوجل فجعل الله عزوجل ذلك سببا لامامة منسوقة منظومة متصلة ما اتصل أمر الله عزوجل لانه لا يجوز أن تندرس آثار الانبياء والرسل وأعلام محمد صلى الله عليه وآله وملته وشرائعه وفرائضه وسننه وأحكامه أو تنسخ أو تعفى (1) عليها آثار رسول آخر وشرائعه إذ لا رسول بعده صلى الله عليه واله ولا نبي. والامام ليس برسول ولا نبي ولا داع إلى شريعة ولا ملة غير شريعة محمد صلى الله عليه وآله وملته، فلا يجوز أن يكون بين الامام والامام الذي بعده فترة، فالفترات جائزة بين الرسل عليهم السلام وفي الامامة غير جائزة، فلذلك وجب أنه لا بد من إمام محجوج به. ولا بد أيضا أن يكون بين الرسول والرسول - وإن كان بينهما فترة - إمام وصي يلزم الخلق حجته ويؤدي عن الرسل ما جاؤوا به عن الله تعالى، وينبه عباده على ما أغفلوا، ويبين لهم ما جهلوا، ليعلموا أن الله عزوجل لم يتركهم سدى ولم يضرب عنهم الذكر صفحا، ولم يدعهم من دينهم في شبهة، ولا من فرائضه التي وظفها عليهم في حيرة، والنبوة و الرسالة سنة من الله جل جلاله، والامامة فريضة، والسنن تنقطع و يجوز تركها في حالات، والفرائض لا تزول ولا تنقطع بعد محمد صلى الله عليه وآله، وأجل الفرائض وأعظمها خطرا الامامة التي تؤدى بها الفرائض والسنن، وبها كمل الدين وتمت النعمة، فالائمة من آل محمد صلى الله عليه وآله لانه لا نبي بعده، ليحملوا العباد على محجة دينهم، ويلزموهم سبيل نجاتهم و يجنبوهم موارد هلكتهم، ويبينوا لهم من فرائض الله عزوجل ما شذ عن أفهامهم ويهدوهم بكتاب الله عزوجل إلى مراشد، امورهم، فيكون ________________________________________ (1) كذا في جميع النسخ ولعله " تقفى عليها ". (*) ________________________________________