وإلى هذا الاختلاف أشار بالقولين إلا أن الباجي تأول القول الثاني بما يدل على أنه رده للأول فقال ومعنى ذلك عندي له الرجوع في سبب التمليك وهو بأن يمنع أمها من الخروج بها ولو أخرجتها لم يكن له الرجوع في التمليك انتهى ويمكن حمل كلام الشيخ على الوكيل الحقيقي الذي هو قسيم المملك والمخير وقد نقل المصنف في التوضيح في باب الوكالة أن في عزل الوكيل عن الطلاق قولين وذكر ذلك عن اللخمي وعبد الحق وغيرهما وعلى هذا فيكون معنى كلام المصنف وللزوج تفويض الطلاق لغير الزوجة بأنواع التفويض الثلاثة السابقة فإن فوض ذلك على سبيل التوكيل ففي عزله للوكيل قولان ويفهم منه أنه لو فوضه للغير تمليكا وتخييرا لم يكن له عزله حينئذ وهذا الحمل حسن غير أن فيه مخالفة لما جزم به أول الفصل من أنه إذا فوضه للزوجة توكيلا فله عزلها وإذا كان له عزلها فغيرها أحرى ويمكن حمل كلام المصنف على معنى ثالث وهو أن يكون المراد بقوله وله التفويض لغيرها أي على سبيل التمليك ويكون الضمير في قوله وهل له عزل وكيله عائدا على التمليك والمعنى أنه إذا وكل رجلا على أن يملك زوجته أمرها أو يخيرها فهل له عزله أو لا قولان ويشير بذلك إلى ما قاله في التوضيح في باب الوكالة ونصه واختلف إذا وكله أن يملك زوجته أمرها هل للموكل أن يعزله فرأى اللخمي وعبد الحق وغيرهما أنه ليس له ذلك قالوا بخلاف أن يوكله على أن يطلق زوجته فإن فيه قولين ورأى غيرهم أنه يختلف في عزله كالطلاق واستشكل المازري الطريقة الأولى بأنه لا منفعة للوكيل في هذه الوكالة وكان الأولى أن يكون له عزله إلا أن يقال لما جعل له تمليك زوجته صار كالملتزم لذلك التزاما لا يصح له الرجوع عنه انتهى والله أعلم فصل في أحكام رجعة المطلقة يرتجع من ينكح هذا شروع منه رحمه الله في الكلام على الرجعة والرجعة بفتح الراء وكسرها قال الجوهري والفتح أفصح وأنكر غيره الكسر وقال ابن عرفة الرجعة رفع الزوج أو الحاكم حرمة المتعة بالزوجة لطلاقها فتخرج المراجعة انتهى يريد بالمراجعة ما إذا تزوج من طلقها طلاقا بائنا لأن وإن صح أن يقال ارتجع زوجته وراجعها في المطلقة طلاقا رجعيا إلا أن كثيرا من الفقهاء والموثقين يستعملون في رجعة المطلقة غير البائن لفظ ارتجع دون راجع لأن الرجعة بيد الزوج وحده وإن كانت بائنا استعملوا راجع لكون الحال متوقفا على رضا الزوجين فهي مفاعلة وفي كلام المصنف إشعار بذلك حيث قال يرتجع وهو ظاهر المناسبة قال الشارح في الكبير إلح أن قوله صلى الله عليه وسلم في قضية ابن عمر مرة فليراجعها يخالف ذلك انتهى ونحوه لابن عبد السلام ولا اعتراض بالحديث لأنه ورد بحسب اللغة وهذا اصطلاح الفقهاء ثم قال ابن عرفة وعلى رأي رفع إيجاب الطلاق حرمة المتعة بالزوجة بعد انقضاء عدتها انتهى ويشير بذلك إلى الخلاف في الرجعية هل هي محرمة في زمن العدة كما هو المشهور أو مباحة كما في القول الشاذ فالحد الأول جار على المشهور والثاني جار على الشاذ ثم قال وقول ابن الحاجب رد المعتدة عن طلاق قاصر عن الغاية ابتداء غير خلع بعد دخول ووطء جائز قبوله ويبطل طرده بتزويج من صح رجعتها بعد انقضاء عدتها إلا أن الإثم المشتق محكوم عليه لا به انتهى يعني أن حده غير مانع لدخول من طلقها زوجها طلاقا رجعيا يصح فيه الرجعة ثم لم يراجعها حتى انقضت عدتها فتزوجها لأنه يصدق عليه أنه رد المعتدة فإن المعتدة مشتق محكوم عليه ويشير بذلك إلى ما ذكره القرافي من التفصيل بين أن يكون الوصف محكوما به حقيقة في حال التلبس بالتعلق فقط أو يكون محكوما عليه فيكون حقيقة في الأحوال الثلاثة وقد رد عليه ذلك ابن السبكي وغيره وقالوا التلبس