سكوتها دليلا على الجواب الذي يحول الحياء بينها وبين ذلك وهو نعم لما فيه من إظهار الرغبة إلى الرجال وكذلك إذا بلغها العقد فلها جوابان أجزت أو رددت فيجعل السكوت دليلا على الجواب الذي يحول الحياء بينها وبين ذلك وهو الإجازة ( قال ) وكذلك لو ضحكت لأن الضحك أدل علي الرضا بالتصرف من السكوت بخلاف ما إذا بكت فإن البكاء دليل السخط والكراهة وقد قال بعض المتأخرين هذا إذا كان لبكائها صوت كالويل فأما إذا خرج الدمع من عينها من غير صوت البكاء لم يكن هذا ردا بل هي تحزن علي مفارقة بيت أبويها وإنما يكون ذلك عند الإجازة وكذلك قالوا إن ضحكت كالمستهزئة لما سمعت لا يكون رضا والضحك الذي يكون بطريق الاستهزاء معروف بين الناس ( قال ) فإن قال قبل النكاح أن فلانا يخطبك وأنا مزوجك إياه فسكتت ثم ذهب فزوجها جاز النكاح لما روى أن النبي كان إذا خطب إليه بنت من بناته دنا من خدرها وقال إن فلانا يخطب فلانة ثم ذهب فزوجها أن سكتت وأن نكتت خدرها بأصبعها لم يزوجها وفي رواية أنه كان يقول أن فلانا يخطب فلانة فإن كرهتيه قولي لا فإنما طلب منها جواب الرد لا جواب الرضا فدل أن السكوت يكفي للرضا وفي الكتاب لم يشترط تسمية الصداق في الاستئمار وإنما اشترط تسمية الزوج لأن الظاهر أن اختلاف رغبتها يكون باختلاف الزوج وإن الأب لا يقف على مرادها في حق الزوج فأما في حق الصداق فالأب يعلم بمرادها في ذلك وهو صداق مثلها فلا حاجة إلى تسمية ذلك مع أن في أصل النكاح الشرط تسمية الزوجين لا المهر ففي الاستئمار أولى وبعض المتأخرين يقولون لا بد من تسمية المهر في الاستئمار لأن رغبتها تختلف باختلاف الصداق والقلة والكثرة والذي بيناه في الأب هو الحكم في سائر الأولياء فهذا دليل على أن الاستئمار إنما يكون معتبرا من الولي الذي يملك مباشرة العقد فأما الأجنبي إذا استأمرها فسكتت لم يكن له أن يزوجها لأن سكوتها لعدم الالتفات إلى إستئمار الأجنبي فكأنها قالت مالك وللاستئمار حين لم تكن بسبيل من العقد إلا أن يكون الذي استأمرها رسول الولي فحينئذ الرسول قائم مقام المرسل وحكي عن الكرخي رحمه الله تعالى أن سكوتها عند استئمار الأجنبي يكون رضا لأنها تستحي من الأجنبي أكثر مما تستحي من الولى ( قال ) وإذا قالت البكر لم أرض حين بلغني وادعى الزوج رضاها فالقول قولها عندنا وقال زفر رحمه الله تعالى القول قول الزوج لأنه متمسك بما هو الأصل