! < ومن يكسب خطيئة أو إثما > ! الآية والمذهب عند الفقهاء من السلف والخلف رحمهم الله أن النوع الأول من الكسب مباح على الإطلاق بل هو فرض عند الحاجة وقال قوم من جهال أهل التقشف وحماقى أهل التصوف أن الكسب الحرام لا يحل إلا عند الضرورة بمنزلة تناول الميتة وقالوا إن الكسب ينفي التوكل على الله تعالى أو ينقص منه وقد أمرنا بالتوكل قال الله تعالى ! < وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين > ! فما يتضمن نفي ما أمرنا به من التوكل يكون حراما والدليل على أنه ينفي التوكل قوله عليه السلام لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقتم كما يرزق الطير يغدو خماصا ويروح بطانا وقال تعالى وفي السماء رزقكم وما توعدون وفي هذا حث على ترك الاشتغال بالكسب وبيان أن ما قدر له من الموعود يأتيه لا محالة وقال عز وجل وأمر أهلك بالصلاة الآية والخطاب وإن كان لرسول الله فالمراد أمته فقد أمروا بالصبر والصلاة وترك الاشتغال بالكسب لطلب الرزق لقوله تعالى ! < وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون > ! وفي الاشتغال بالكسب ترك ما خلق المرء لأجله وأمر به من عبادة ربه وإليه أشار النبي في قوله ما أوحى إلى أن أجمع المال وأكون من المتاجرين وإنما أوحى إلي ! < فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين > ! الآية وما في القرآن من ذكر البيع والشراء في بعض الآيات ليس المراد به التصرف في المال والكسب بل المراد تجارة العبد مع ربه عز وجل ببذل النفس في طاعته والاشتغال بعبادته فذلك يسمي تجارة وقال الله تعالى ! < هل أدلكم على تجارة > ! الآية وقال عز وجل ! < إن الله اشترى من المؤمنين > ! الآية والمراد هذا النوع وهو بذل النفس لنيل الثواب بالجهاد وأنواع الطاعة وكذا قد سمى الله تعالى آخذ المال لارتكاب ما لا يحل له في الدين بائعا نفسه قال الله تعالى ! < ولبئس ما شروا به أنفسهم > ! وقال عز وجل ! < اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا > ! وإلى ذلك أشار النبي بقوله الناس غاديان بائع نفسه فموبقها ومشتر نفسه فمعتقها وإن الصحابة رضي الله عنهم لم يشتغلوا بالكسب فالقول مع أصحاب الصفة رضي الله عنهم كانوا يلزمون المسجد فلا يشتغلون بالكسب ومدحوا على ذلك وكذلك الخلفاء الراشدون وغيرهم من أعلى الصحابة رضي الله عنهم لم يشتغلوا بالكسب وهم الأئمة السادة والقدوة القادة وحجتنا في ذلك قوله تعالى وأحل الله البيع وقال جل وعلا ! < إذا تداينتم بدين > ! الآية وقال عز وجل ! < إلا أن تكون تجارة عن تراض > ! وقال جل وعلا ! < إلا أن تكون تجارة حاضرة > ! الآية ففي بعض هذه الآيات تنصيص على الحل وفي