ولا شيء على الموهوب له لما قلنا فلما عفا الآخر يجوز عفوه في نصيب نفسه ويبطل عن العبد مقدار حصته من نصف الدية وذلك أحد عشر سهما من اثني عشر ويكون على العبد للذي عفا أول مرة حصته من ذلك وهو سهم من اثنى عشر لأن إسقاط الثاني إنما يصح في نصيبه لا في نصيب شريكه ولا يضمن ذلك العافي آخرا للذي عفا أولا لأنه بالعفو مسقط لا مستوفي وإن كانت قيمته خمسة آلاف وقد عفا أحدهما فإن مال الميت قيمة العبد ونصف الدية وذلك عشرة آلاف فإنما تجوز الهبة في ذلك وهو ثلاثة آلاف وثلث ألف مقدار ثلثي العبد ويغرم الزيادة إلى تمام خمسة آلاف فيقتسم الاثنان ذلك يضرب فيه الذي عفا بنصف القيمة فقط لأن نصيبه لم يصر مالا ويضرب الذي لم يعف بنصف الدية لأن ذلك وجب له بالجناية وبنصف القيمة فيقتسمانه وعلى ذلك مريض وهب عبده من مريض وقبضه ثم إن الموهوب له وهبه لصحيح ثم أن العبد قتل الواهب الأول ومات الثاني من مرضه ولا مال لواحد منهما سواه فإنه يقال للثالث أدفعه أو افده لأنه هو المالك عند جنايته فإن اختار الدفع لورثة الثاني انتقصت الهبة في نصف العبد منهما جميعا لأنك تحتاج إلى حساب له ثلث وربع ولثلثه ثلث وذلك تسعة فأجر الهبة للأول في ثلاثة وللثاني في سهم وقد بطلت الجناية في الستة التي عادت إلى الواهب الأول بنقص الهبة لأن الهبة لما بطلت في تلك الستة صارت جنايته على مولاه وجناية المملوك على مولاه خطأ تكون هدرا فإنما تبقي الجناية في ثلاثة أسهم سهمين في يد الموهوب له الأول وسهم في يد الموهوب له الثاني ويدفعان تلك الثلاثة بالجناية فيزداد مال الأول بقدر ثلاثة أسهم وهي السهام الدائرة فاطرح ثلاثة أسهم من نصيب الواهب الأول ويصير العبد على ستة أسهم ثلاثة للواهب الأول بنقص الهبة وثلاثة بالدفع بالجناية ويسلم لورثته ستة أسهم مثلا ما نفذنا فيه الوصية ثم يغرم الموهوب له الثاني لورثة الموهوب له الأول ثلث قيمة العبد إلا أن يكون ثلثا الدية أقل لأنه قد أخذ العبد فارغا ثم رد السهمين عليهم مشغولا بالجناية وقد استحق بذلك الشغل فكأنه تلف عنده إلا أن الورثة كانوا يتمكنون من اختيار الأقل وهو الدفع أو الفداء فلا يضمن لهم إلا الأقل .
ولو أنهم اختاروا الفداء فإن كانت قيمة العبد خمسة آلاف أو أقل يرد الثالث على ورثة الثاني بثلثيه ثم فدوه بعشرة آلاف الثالث بثلث الدية وورثة الثاني بثلثي الدية فيصير كأن الأول ترك خمسة عشر ألفا فتجوز الهبة في جميع العبد ثم يضمن الثالث لورثة الثاني ثلثي قيمته لأنه أخذ عبدا فارغا على طريق التملك ورده مشغولا