ثابتة في جميع الدية باعتبار صفة العمدية فثبت في أبعاضها وإن كان ذلك خطأ وجب الأرش أخماسا اعتبارا للبعض بالكل إلا أن في العمد تجب في ماله وفي الخطأ يجب على عاقلته إذا بلغ الواجب أرش الموضحة وكذلك ينبغي على طريقة القياس منها دون أرش الموضحة أن يكون على العاقلة .
وبالقياس أخذ الشافعي رضي الله عنه لأنه اعتبر الجزء بالكل واعتبر ضمان إتلاف النفس بضمان إتلاف المال فإنه لا فرق فيه بين القليل والكثير في حق من يجب عليه .
ولكنا استحسنا فجعلنا ما دون أرش الموضحة عليه في ماله لما روينا من الأثر فيه .
وإذا كان القاتل خطأ من أهل الإبل فصالح على أكثر من عشرة آلاف درهم أو أكثر من ألف دينار نقدا أو نسيئة لم يجز أن يعطى أكثر من الدية لأن مقدار الواجب من الدية ثابت بالنص فلا تجوز الزيادة عليه لما في الصلح على الزيادة من معنى الربا وبأن كان القاتل من أهل الإبل لا تخرج الدراهم والدنانير من أن تكون أصلا في الدية في حقه وعند الصلح على الدراهم يجعل كأنهما عينا الدراهم أولا ثم صالحه على أكثر من ذلك فيكون ربا .
وكذلك لو كان من أهل الورق فصالح على أكثر من ألف دينار أو أكثر من مائة من الإبل فالصلح باطل لأن عند الاتفاق على أحد الأصناف يتعين ذلك الصنف الواجب منه مقدر شرعا فالزيادة عليه تكون ربا .
فأما في العمد الموجب للقود إذا أوقع الصلح على أكثر من الدية يجوز عندنا .
وفي أحد قولي الشافعي لا يجوز بناء على ما تقدم أن في أحد قوليه الواجب في العمد أحد شيئين يتعين ذلك باختيار الولي .
وإذا اختار الدية وهي مقدرة شرعا لا تجوز الزيادة عليها بطريق الصلح .
وعندنا الواجب هو القود لا غير فالمال الذي يلتزمه يكون عوضا عن القود ولا ربا بين ما ليس بمال وبين ما هو مال والدليل على جواز هذا الصلح ما روي أن فارسا من فرسان المسلمين قتل رجلا فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص فلما خرج ليقتل رأت الصحابة الكراهة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجوا وصالحوا أولياء القتيل على ديتين دية يعطيها القاتل ودية يتبرع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأدائها فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولو صالحه في الخطأ أو العمد على خمسين من الإبل جاز أما في العمد فلا يشكل وفي الخطأ لأنه أسقط بعض الواجب .
ولو أسقط الكل بالعفو لجاز فكذلك إذا أسقط البعض وكذلك لو صالحه على خمسمائة دينار قبل أن يقضي عليه بالدراهم وقال إنما صالحتك عن الدية على ذلك فهو جائز بطريق الإسقاط كأنهما عينا الدنانير ثم أسقط عنه النصف ورضي بالنصف