الإقرار بالسبب لا بد منه لإيجاب حد الخمر .
ولو أقر عند القاضي أنه شرب أمس خمرا لم يحد أيضا وإنما يحد إذا أتاه ساعة شرب والريح يوجد منه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف .
وفي قول محمد يؤخذ بإقراره متى جاء مثل حد الزنى وقد بينا هذه المسألة في كتاب الحدود بالبينة والإقرار جميعا .
وإذا أكره على شرب الخمر لا يحد لأن الشرب في حال الإكراه مباح له على ما بينا أن موضع الضرورة مستثنى من الحرمة ولأن الحد مشروع للزجر وقد كان منزجرا حين لم يقدم على الشرب ما لم تتحقق الضرورة بالإكراه .
وإذا أسلم الحربي وجاء إلى دار الإسلام ثم شرب الخمر قبل أن يعلم أنها محرمة عليه لم يحد لأن الخطاب لم يبلغه فلا يثبت حكم الخطاب في حقه وهذا بخلاف المسلم المولود في دار الإسلام إذا شرب الخمر ثم قال لم أعلم أنها حرام لأن حرمة الخمر قد اشتهرت بين المسلمين في دار الإسلام فالظاهر يكذب المولود في دار الإسلام فيما يقول والظاهر لا يكذب الذي جاء من دار الحرب فيما يقول فيعذر بجهله ولا يقام عليه الحد بخلاف ما إذا زنى أو شرب أو سرق فإنه يقام عليه الحد .
ولا يعذر بقوله لم أعلم لأن حرمة الزنى والسرقة في الأديان كلها فالظاهر يكذبه إذا قال لم أعلم بحرمتها ولأن حد السرقة والزنا مما تجوز إقامته على الكافر في حال كفره وهو الذمي فبعد الإسلام أولى أن يقام بخلاف حد الخمر ولأن حد الزنى والسرقة ثبت بنص يتلى وحد الخمر بخبر يروى فكان أقرب إلى الدرء من حد الزنى والسرقة .
ويستوي في حد الزنى إن طاوعته المرأة على ذلك في دار الإسلام أو أكرهها لأن حرمة الزنى في حقهما جميعا قد اشتهرت .
وإذا شرب قوم نبيذا فسكر بعضهم دون بعض حد من سكر لأن مشروب بعضهم غير مشروب البعض فيعتبر في حق كل واحد منهم حاله كأنه ليس معه غيره .
( ألا ترى ) أن القوم إذا سقوا خمرا على مائدة فمن علم أنه خمر لزمه الحد ومن لم يعلم ذلك منهم لم يلزمه الحد والمحرم في حد الخمر كالحلال لأنه لا تأثير للمحرم والإحرام في إباحة الشرب ولا في المنع من إقامة هذا الحد .
وإذا قذف السكران رجلا حبس حتى يصحو ثم يحد للقذف ويحبس حتى يخف عنه الضرب ثم يحد للسكر لأن حد القذف في معنى حق العباد وسكره لا يمنع وجوب الحد عليه بقذفه لأنه مع سكره مخاطب .
( ألا ترى ) أن بعض الصحابة رضي الله عنهم أخذ حد الشرب من القذف على ما روي عن علي رضي الله عنه قال إذا شرب هذى وإذا هذى افترى وحد المفترين في كتاب الله ثمانون جلدة .
وإذا شرب الخمر في نهار رمضان حد حد الخمر ثم يحبس حتى يخف عنه الضرب ثم يعزر