عليه بوجوب الزكاة فإذا لم يثبت الاستحقاق كان له أن يرجع عليه كمن قضى دين إنسان ثم انفسخ السبب الموجب للدين .
( ولنا ) أن المتصدق يجعل ما يؤديه لله تعالى خالصا ثم يصرفه إلى الفقراء ليكون كفاية لهم من الله تعالى وقد تم ذلك بالوصول إلى يد الفقير فلا يرجع عليه بشيء بل إن وجبت الزكاة كان مؤديا للواجب وإن لم تجب كان متنفلا كما لو أطلق الأداء .
( قال ) ( وينظر في السائمة إلى كمال النصاب فتجب الزكاة فيه وإن كانت قيمتها ناقصة عن مائتي درهم وينظر إلى قيمتها إن أراد بها التجارة فإن كانت أقل من مائتي درهم لم تجب الزكاة وإن كان العدد كاملا ) لأن النبي اعتبر في السائمة كمال العدد دون القيمة ولأن النماء في السائمة مطلوب من عينها وفي مال التجارة إنما يطلب النماء من ماليتها فاعتبرنا النصاب في الموضعين من حيث يطلب النماء فإذا كانت قيمتها أقل من مائتي درهم لم تجب فيها زكاة التجارة لنقصان النصاب ولا زكاة السائمة وإن كان العدد كاملا لأن النصاب فيها غير معتبر من حيث العدد .
فإن قيل إذا لم تجب فيها زكاة التجارة صار وجود نية التجارة كعدمها فتجب زكاة السائمة .
قلنا نية التجارة معتبرة في إخراجها من أن تكون سائمة معنى على ما بينا والصورة بدون المعنى لا تكفي لإيجاب الزكاة .
( قال ) ( وإذا اشترى الإبل للتجارة فلما مضت طائفة من الحول بدا له فجعلها سائمة فرارا من الصدقة فلا زكاة عليه حتى يحول عليها الحول من حين جعلها سائمة ) لأنه نوى ترك التجارة فيها وهو تارك لها في ذلك الوقت حقيقة فاقترنت النية بالفعل وزكاة السائمة ليست من جنس زكاة التجارة فلا يمكن بناء أحدهما على الآخر فقلنا باستئناف الحول من حين جعلها سائمة .
( قال ) ( ويؤخذ من بني تغلب صدقة سائمتهم ضعف ما يؤخذ من المسلم إذا بلغت مقدار ما يجب في مثله الصدقة على المسلم ) وبنو تغلب قوم من النصارى من العرب كانوا بقرب الروم فلما أراد عمر رضي الله عنه أن يوظف عليهم الجزية أبوا وقالوا نحن من العرب نأنف من أداء الجزية فإن وظفت علينا الجزية لحقنا بأعدائك من الروم وإن رأيت أن تأخذ منا ما يأخذ بعضكم من بعض وتضعفه علينا فعلنا ذلك فشاور عمر رضي الله عنه الصحابة في ذلك وكان الذي يسعى بينه وبينهم كردوس التغلبي فقال يا أمير المؤمنين صالحهم فإنك إن تناجزهم لم تطقهم فصالحهم عمر رضي الله عنه على أن يأخذ منهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين ولم يتعرض لهذا الصلح بعده عثمان رضي الله عنه فلزم أول الأمة وآخرها .
فإن قيل أليس أن عليا رضي الله عنه أراد أن ينقض