فلان واختلفا في اللفظ فقال أحدهما كفل بها وقال الآخر ضمنها أو قال أحدهما هي لي وقال الآخر هي علي فالشهادة جائزة لاتفاقهما فيما هو المقصود وهو الكفالة والألفاظ قوالب المعاني فعند اتفاقهما على العقد المشهود به لا يضرهما اختلاف العبارة كما لو شهد أحدهما بالهبة والآخر بالنحلة .
وإن قال أحدهما احتال بها عليه وقال الآخر ضمنها له على أن أبرأ الأول أو لم يذكر البراءة وادعى الطالب الضمان أو الحوالة والبراءة فإنه يأخذ المحتال عليه بالمال لاتفاق الشاهدين على الحوالة وإن اختلفا في العبارة أو لاتفاقهما على التزام المشهود عليه للمال كما إذا شهد أحدهما بالضمان ولم يذكر البراءة وهذا لأن في الحوالة ضمانا وزيادة فيقضي بما اتفقا عليه والأصيل بريء بإقرار الطالب لا بشهادة أحد الشاهدين بالحوالة .
ولو ادعى الطالب الضمان بغير براءة وقال لم أحل عليه فإنه يأخذ أيهما شاء بالمال لاتفاق الشاهدين على مقدار الالتزام بالضمان والطالب ما أكذب الذي شهد له بالحوالة في شهادته له وإنما أكذبه في شهادته عليه وهو براءة الأصيل وذلك لا يمنع قبول الشهادة كما لو شهدا له بالمال وشهد أحدهما أنه استوفاه أو أنه أبرأ المطلوب منه .
قال ( ألا ترى ) ( أنه لو شهد شاهدان أنه كفل له بالمال على أن أبرأ الأول والطالب يقول لم أبرئ الأول والكفيل يجحد الكفالة قضيت للطالب بالكفالة وأبرأت الأصيل إذا كان هو يدعي شهادتهما على البراءة ) وبهذا يتبين أنهما في الشهادة على البراءة يشهدان على الطالب لا له وكذلك لو شهدا بالحوالة وقال الطالب إنما كفل لي فهو ما أكذبهما فيما شهدا له من ضمان المال .
ولو شهد رجلان على رجل أنه كفل بألف درهم لرجل فقال أحدهما إلى سنة وقال الآخر حالة وادعى الطالب حالة وجحد الكفيل أو أقر وادعى الأجل فالمال عليه في الوجهين من قبل أن الطالب لم يكذب شاهده فيما شهد له به وإنما أكذبه فيما شهد به عليه والشاهد بالأجل للكفيل واحد .
وقد بينا فيما سبق أن زفر رحمه الله يخالفنا في جميع هذه الفصول وأنه لا يفصل بين الإكذاب فيما شهد به له أو عليه .
ولو ادعى رجل قبل رجلين كفالة بألف درهم وكل واحد منهما كفيل ضامن بها وشهد له شاهدان فشهد أحدهما بذلك عليهما وشهد الآخر على أحدهما فإن الطالب يأخذ الذي اجتمعا عليه بالألف لأن كل واحد منهما بحكم هذه الكفالة مطالب بجميع المال وقد تمت الحجة على أحدهما .
ولو شهد شاهد عليهما وشهد آخر على أحدهما وشهد الآخر على الآخر كان للطالب أن يأخذهما جميعا بالمال لأن الحجة قد تمت في حق كل واحد منهما في حق أحدهما لشهادة الأولين