علقت جاريته في ملكه فولدت فادعى الولد أبوه ثبت نسب الولد منه وصارت الجارية أم ولد له وعليه للمولى قيمة الولد للجارية ) لأن الشرع أضاف مال الولد إلى الأب بقوله صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك وأثبت له حق تملك المال على ولده عند الحاجة ولهذا كان له أن ينفق من ماله بالمعروف وحاجته إلى النفقة لإبقاء نفسه إلى الاستيلاد لإبقاء نسله فإن بقاءه معني ببقاء نسله إلا أن الحاجة إلى إبقاء النفس أصلي فيثبت له ولاية صرف مال الولد إلى حاجته من غير عوض وحاجته إلى إبقاء نسله ليس من أصول الحوائج فلا يبطل حق الولد عن مالية الجارية فكان له أن يتملكها بضمان القيمة نظرا من الجانبين .
وروي عن بشر رحمه الله أنه قال آخر ما استقر عليه قول أبي يوسف رحمه الله أن الجارية لا تصير أم ولد للأب ولكن الولد حر بالقيمة بمنزلة ولد المغرور فيغرم الأب عقرها وقيمة ولدها لأن حق ملك الأب في مال ولده لا يكون أقوى من حق ملك المولى في كسب مكاتبه فإنه يملك رقبة المكاتب ولا يملك رقبة ولده .
ثم لو ادعى ولد جارية مكاتبة لا تصير الجارية أم ولد له ولكن إن صدقه المكاتب فالولد حر بالقيمة فكذلك هنا إلا أن هناك يحتاج إلى تصديق المكاتب لأن المولى حجر على نفسه عن التصرف في كسب مكاتبه ودعوة النسب تصرف منه فلا ينفذ إلا بتصديقه .
ووجه ظاهر الرواية أن للمولى في كسب المكاتب حق الملك وذلك كاف لثبات النسب فلا حاجة به إلى تملك الجارية وإذا لم يتملكها لا تصير أم ولد له وليس للوالد في مال ولده حق الملك بدليل أنه يباح للابن أن يطأ جارية نفسه فلا يمكن إثبات النسب فيه إلا بتقديم بملك الجارية فيه على الاستيلاد صيانة لمائه من الضياع وإذا صار متملكا لها فإنما استولد ملك نفسه فتصير أم ولد له فلهذا لا يلزمه قيمة الولد لأنه علق حر الأصل ولا عقر عليه عندنا .
وقال زفر والشافعي رحمهما الله عليه العقر لأن وطأه حصل في ملك الغير فلا يخلو عن إيجاب حد وعقر وقد سقط الحد لشبهة فيجب العقر كما لو وطئها فلم تحبل وهذا لأن ملكه إياها أن يقدم على العلوق ولكن لا يضيع ماؤه فيبقى أصل الوطء حاصلا في ملك الغير .
( ألا ترى ) أنه يسقط به إحصان الأب .
ولنا أن ملكه إياها مقدم على فعل الاستيلاد وأصل الوطء إذا اتصل به العلوق يكون استيلادا كالجرح إذا اتصل به زهوق الروح يكون قتلا من الأصل .
فإذا تقدم ملكه إياها على فعل الاستيلاد كان واطئا ملك نفسه فلا يلزمه العقر غير أن تقديم هذا الملك ضرورة تصحيح الاستيلاد فلا يعد وموضع الضرورة ففي حكم الإحصان لا يظهر هذا الملك لانعدام الضرورة