عثمان رضي الله عنه وبه نقول .
ومن حيث المعنى إما طريقان أحدهما أن حق المدعي قبل المدعى عليه هو الجواب وهو جواب يوصله إلى حقه وهو الإقرار فإذا فوت عليه ذلك بإنكاره حوله الشرع إلى اليمين خلفا عن أصل حقه فإذا منعه الحلف يعود إليه أصل حقه لأنه لا يتمكن من منع الحلف شرعا إلا بإيفاء ما هو أصل الحق وهذا الطريق على قولهما وأنهما يجعلان النكول بمنزلة الإقرار .
والطريق الآخر أن الدعوة لما صحت من المدعي يخير المدعى عليه بين بدل المال وبين اليمين فإذا امتنع منهما وأحدهما تجري فيه النيابة دون الآخر ناب القاضي منابه فيما تجري فيه النيابة وهذا لأن تمكنه من المنازعة شرعا بشرط أن يحلف فإذا أبى ذلك صار تاركا للمنازعة بتفويت شرطها فكأنه قال لا أنازعك في هذا المال فيتمكن المدعي من أخذه لأنه يدعيه ولا منازع له فيه .
وهذا الطريق على أصل أبي حنيفة رحمه الله حيث جعل النكول بدلا ولا عبرة للاحتمال في النكول لأن الشرع ألزمه التورع عن اليمين الكاذبة دون الترفع عن الصادقة فيترجح هذا الجانب في نكوله ولأنه لا يتمكن من الترفع عن اليمين إلا ببدل المال فإنه إنما يرتفع ملتزما الضرر على نفسه لا ملحقا الضرر بالغير يمنع الحق والذي قال من شهادة الظاهر للمدعي عند نكول المدعى عليه لا يكون ذلك إلا بترجح جانب الصدق في دعوى المدعي وذلك موجب للقضاء ثم اليمين مشروعة للنفي لا للإثبات وحاجة المدعي إلى الإثبات فلا تكون اليمين حجة له هذا معنى تعليل محمد رحمه الله لا أحول اليمين عن موضعه وهذا لأنها في النفي لا توجب النفي حتى تقبل بينة المدعي بعد يمين المدعى عليه ففي غير موضعه وهو الإثبات أولى أن لا يوجب الإثبات والشهادات للإثبات ثم لا يستحق المدعي بشهادته لنفسه شيئا بحال فلان لا يستحق يمينه لنفسه وهو في غير موضع الإثبات كان أولى .
( وإذا تنازع رجلان في دار كل واحد منهما يدعي أنها في يده فعلى كل واحد منهما البينة ) لأن دعوى اليد مقصودة كما أن دعوى الملك مقصودة لأن باليد يتوصل إلى الانتفاع بالملك والتصرف فيه فإن أقام كل واحد منهما البينة أنها في يديه جعل يد كل واحد منهما نصفها لتعارض البينتين وتساويهما فالمساواة في سبب الاستحقاق توجب المساواة في الاستحقاق .
فإن كان المدعي قابلا للاشتراك يقضي لكل واحد منها بالنصف لمعنى الضيق والمزاحمة في المحل .
قال ( فإذا أقام أحدهما البينة أنها له قضيت بها له ) لأنه استحق بالبينة الملك فيما في يد صاحبه ولم يعامله صحابه بمثله ولا منافاة بين القضاء باليد لصاحبه والملك له بالبينة .
وقد كان أصحابنا رحمهم الله يقولون إذا قال المدعي هذا