أن فلانا أقر له بها ووقتا فهي لصاحب الوقت الآخر ولا نسبة لهذا البيع ) يعني إذا أقام كل واحد منهما البينة أن فلانا باعها منه ووقتا فهي لصاحب الوقت الأول والفرق بينهما أن كل واحد منهما يدعي أن وصولها إليه من جهة فلان ففي مسألة الإقرار الذي أقام البينة على الوقت الآخر أثبت إقرار فلان بها له منذ شهر وذلك يمنع دعوى فلان الملك لنفسه فيها منذ سنة فكذلك يمنع دعوى من يثبت الملك لنفسه ببينته منذ سنة بإقرار فلان له بها منذ سنة وذلك يمنع فلانا من أن يثبت الملك لنفسه فيها منذ شهر بإقرار فلان له بها فلهذا رجحنا صاحب الوقت الآخر وفي البيع ثبوت الشراء منذ شهر لا يمنع فلانا من دعوى الملك فيها لنفسه منذ سنة فكذلك لا يمنع من يدعي تملكها من جهته من أن يثبت بيعها منه منذ سنة وإذا وجب قبول بينته على ذلك ثبت شراؤه في وقت لا ينازعه الآخر فيه فإنما أثبت الآخر بعد ذلك الشراء من غير المالك .
وعلى هذا لو أقام البينة أنه باع هذه الدار من فلان منذ سنة وأقام الآخر البينة منذ سنتين فهي للذي أقام البينة على سنتين لأن كل واحد منهما مثبت الملك لنفسه بإقامته البينة على تمليكها من فلان بالبيع فيترجح أسبق التاريخين لانعدام منازعة الآخر معه في ذلك الوقت .
وإذا لم يوقتا فهي لذي اليد لاتفاقهما على أنها مملوكة مسلمة إليه وإنما يدعي كل واحد منهما الثمن في ذمته لنفسه وقد أثبته بالبينة وفي الذمة سعة .
وإذا ادعى على رجل الفي درهم أو ألفا وخمسمائة وشهد له شاهد بالألف والآخر بألف وخمسمائة قضى له بالألف لاتفاق الشاهدين على الألف لفظا ومعنى فالألف وخمسمائة جملتان أحدهما معطوفة على الأخرى فبعطف أحدهما الخمسمائة على الألف لا يخرج من أن يكون شاهدا له بألف لفظا بخلاف ما قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى فيما إذا شهد أحدهما بعشرة والآخر بخمسة عشر لأن هناك اختلفا في المشهود به لفظا فخمسة عشر اسم واحد لعدد .
ألا ترى أنه ليس فيه حرف العطف فهو نظير الألف والألفين فإن كان المدعي يدعي ألفا فقد أكذب الذي شهد على ألف وخمسمائة فلا تقبل شهادتهما له إلا أن يوفق فيقول كان أصل حقي ألفا وخمسمائة لكني استوفيت خمسمائة أو أبرأته منها ولم يعلم به هذا الشاهد فحينئذ تقبل شهادتهما على الألف لأنه وفق بتوفيق صحيح محتمل .
وإن اختلفا في جنس المال فشهادتهما باطلة لأن المدعي يكذب أحدهما ولأن المشهود به مختلف وليس على واحد من المالين شهادة شاهدين .
ولو شهدا على قتل أو قطع أو غصب أو عمل واختلفا في الوقت أو المكان أو فيما وقع به القتل كانت الشهادة باطلة