النصف ربعها في قول أبي حنيفة رحمه الله وفي قولهما القسمة على طريق العول فتكون الدار بينهما أثلاثا وإن ادعى أحدهما الرهن والقبض والآخر الشراء بألف والقبض وأقام البينة .
فإن عرف الأول فهي للأول لأن مدعي الرهن إذا أثبت حقه في وقت لا ينازعه الآخر فيه فشراء الآخر بعد لا يجوز بدون إجازته وإن لم يعلم فصاحب الشراء أولى لأن الشراء أقوى من الرهن لأن الشراء موجب الملك في البدلين والرهن لا يوجب لأن الشراء يلزم بنفسه وإن لم يتصل به القبض والرهن لا يتم إلا بالقبض والشراء يلزم من الجانبين والرهن لا يلزم في جانب المرتهن لتمكنه من الرد متى شاء والضعيف لا يظهر في مقابلة القوي .
فإن أقام أحدهما البينة على الشراء والآخر على الهبة والصدقة فصاحب الشراء أولى لأن الشراء عقد معاوضة يلزم بنفسه وموجب الملك في البدلين فيكون أقوى من التبرع الذي لا يتم بالقبض فإن أثبت صاحب التبرع قبضه سابقا فهو أولى لأنه أثبت ملكه في وقت لا ينازعه الآخر فيه .
وكذلك إن كانت الدار في يد صاحب الصدقة ولا يدري أيهما أول فصاحب الصدقة أولى لأن تمكنه من القبض دليل سبق عقده فيكون هو أولى إلا أن يقيم صاحب الشراء البينة أنه أولى .
وإن أقام كل واحد منهما البينة أنه ارتهنها بألف ففي القياس لا يكون رهنا لواحد منهما وبهذا نأخذ وفي الاستحسان يكون لكل واحد منهما نصفها رهنا لأن كل واحد منهما أثبت الرهن منه بالبينة والقضاء بالبينتين ممكن فإن رهن الدار الواحدة من رجلين بدين لهما عليه صحيح .
ووجه القياس أن الحجتين لما استوتا فلا بد من القضاء لكل واحد منهما بالنصف وإثبات حكم الرهن لكل واحد منهما في النصف شائعا غير ممكن فتبطل البينتان كما لو أقام رجلان كل واحد منهما البينة على نكاح امرأة واحدة وأخذنا بالقياس لأن وجه القياس أقوى فإن في الرهن من رجلين العقد واحد وكل واحد منهما راض بثبوت حق صاحبه في الحبس فأمكن إثبات ملك اليد الذي هو موجب الرهن لهما في المحل من غير شيوع بأن يجعل كأن العين كلها محبوسة بدين كل واحد منهما ولا يتأتى ذلك هنا لأن كل واحد منهما أثبت الملك لنفسه بعقد على حدة ولا يرضى كل واحد منهما بثبوت حق صاحبه معه فلا بد من القضاء لكل واحد منهما بالنصف .
وإن رهنها من رجلين النصف من هذا بدينه والنصف من هذا بدينه لم يجز فلهذا نأخذ بالقياس .
فإن ادعى أحدهما الرهن والقبض وادعى الآخر الهبة على عوض والتقابض فأقام البينة فإنه يقضي بهذا للذي يدعي الهبة على عوض لأن الهبة بشرط العوض بعد التقابض