التاريخ فالذي لم توقت شهوده إنما أثبت شراءه في الحال وصاحبه أثبت الشراء من حين أرخت شهوده فهو أولى إلا أن تكون الدار في يد الآخر فهي لصاحب اليد حينئذ لأن تمكن ذي اليد من القبض دليل سبق عقده وهذا دليل معاين وفي حق الآخر التاريخ مخبر به وليس الخبر كالمعاينة ولأن حاجة الخارج إلى إثبات الاستحقاق على ذي اليد وليس في بينته ما يوجب ذلك وإن أرخت شهوده لجواز أن يكون شراء ذي اليد سابقا .
فإن لم يوقتا فكل واحد منهما بالخيار إن شاء أخذ نصفها بنصف الثمن وإن شاء ترك لأن استواء الحجتين الحكم هو القضاء بها بينهما نصفان فقد تفرقت الصفقة على كل واحد منهما وببعض الملك قبل البعض والتبعيض في الأملاك المجتمعة عيب فيخير كل واحد منهما إن شاء أخذ نصفها بنصف الثمن وإن شاء ترك وكذلك لو كان أحدهما بن البائع أو مكاتبة لأنه في حكم الشراء منه هو كأجنبي آخر فكذلك في دعوى الشراء عليه .
( دار في يد رجل فأقام رجل البينة أنه اشتراها من ذي اليد وأقام ذو اليد البينة أنه اشتراها من المدعي ولا يدري أي ذلك أول فإنه يقضي بها لذي اليد وتبطل البينتان جميعا ) لأن كل واحد منهما أثبت إقرار صاحبه بالملك له فكل مشتري مقر بالملك لبائعه وكل بائع مقر بوقوع الملك للمشتري فيجعل هذا بمنزلة إقامة كل واحد منهما البينة على إقرار صاحبه بالملك له وهنا تتهاتر البينتان كما لو سمعنا الإقرار منهما معا ولم يذكر في المسألة اختلافا هنا وقد ذكر في الجامع أن هذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهم الله تعالى فإن عند محمد رحمه الله تعالى يقضي بالبينتين جميعا فيجعل كأن ذي اليد اشتراها أو لا وقبضها ثم باعها فيؤمر بتسليمها إلى الخارج لأن القضاء بالعقدين ممكن بهذا الطريق وقد بينا المسألة بفروعها في الجامع .
قال ( ألا ترى ) أن كل واحد منهما لو أقام البينة أن القاضي قضى له بهذه الدار على صاحبه أنه يترك في يد ذي اليد وتتهاتر البينتان إلا أن محمدا رحمه الله تعالى يفرق بينهما فيقول في الشراء إثبات الترتيب بين العقدين ممكن باعتبار اليد لأني إن جعلت شراء ذي اليد سابقا جاز بيعه بعد القبض .
وإن جعلت شراء الخارج سابقا لم يجز بيعه من البائع قبل القبض ومثل هذا الترتيب في القضاء غير ممكن ولأن الشراء يتأكد بالقبض ولهذا يستفاد به ملك التصرف العقار في ذلك والمنقول عندي سواء فيستقيم أن يجعل قبض ذي اليد صادرا عند عقده أو يجعل ذلك دليل سبق عقده فأما القضاء لا يتأكد بالقبض بل متأكد بنفسه فتتحقق فيه المعارضة بين البينتين .
( دار في يد رجل فأقام البينة أنه باعها من فلان بألف درهم في رمضان وأقام فلان البينة أنه اشتراها