في الولاء .
ولو شهد رجل على رجل أن مولاه أعتق أمه ثم ولدت بعد العتق لستة أشهر من فلان وهو عبد لفلان فقضى القاضي له بالولاء ثم جاء مولى العبد وأقام البينة أنه كان أعتق أباه فلانا قبل موته وهو لا وارث له غيره جعلت له الميراث والولاء لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة ولو عاينا ذلك حكمنا بجر الولاء إلى قوم الأب فكذلك إذا ثبت بالبينة وهذا لأنه ليس في هذه البينة إبطال القضاء الأول فإن القضاء الأول كان قضاء بالولاء لمعتق الأم لأنه لا ولاء له من قبل الأب وهو صحيح ثم بقي ذلك الولاء عند الموت لعدم الدليل المحول لا لوجود الدليل المنفي فإذا ثبت الثاني الدليل المحول ببينته وجب القضاء بالولاء والميراث له بخلاف الأول فهناك البينة الثانية تقوم لإبطال القضاء الأول بطريق المعارضة وقد بينا أن عند المعارضة الأولى يترجح بالقضاء فإن نقض القضاء بدليل محتمل لا يجوز .
وإذا شهدا على موت رجل وأقر أنهما لم يعاينا ذلك لم تجز إلا أن يكون مشهور الموت لأنه إذ لم يكن مشهورا وأقر أنهما لم يعانيا فقد أقر أنهما يشهدان بغير علم وإذا كان مشهور الموت فإنما يشهدان بما يعلمانه بالشهرة وإن قالا نشهد بأنه مات أجزت ذلك وإلا استفسرهما لأن مطلق الشهادة يجب حملها على سبب صحيح كما لو شهد بمطلق الملك قبلت شهادتهما ولا يستفسران أنهما يشهدان بذلك بظاهر اليد أو غيره وكذلك إن قال نحن دفناه أو شهدنا جنازته فهذا منهما شهادة بموته لأن الحي لا يدفن ولا يصلي على جنازته .
وإذا أخبر الرجل المديون به أو المرأة أنه عاين موت فلان فالذي انتهى إليه الخبر في سعة من يشهد على موته قيل معنى هذا إذا اشتهر عند الناس حتى سمعه الشاهد من واحد بعد واحد فأما إذا لم يسمعه إلا من هذا الواحد فإنه لا يجوز له أن يشهد بموته كما في النسب والنكاح وقد بينا .
وقيل بل في الموت يسعه ذلك إذا كان المخبر ثقة موثوقا به لأن أمر الناس هكذا يكون فالميت إنما يعاينه من يغسله ثم يخبر الناس بذلك فيتعمدون خبره ويعلمون أنه صادق في مقالته فيجوز له أن يعتمد هذا الخبر في الشهادة على موته وإذا جاء موت الرجل من أرض أخرى فصنع أهله ما يصنعون على الميت فإنه لا يسع أحد أن يشهد على موته حتى يخبر به من شهده ممن يثق به لأن مثل هذا الخبر قد يكون حقا وقد يكون باطلا والغالب عند بعد المسافة أنه باطل فلا يعتمده حتى يخبره من يثق به عن معاينة فإذا أخبره بذلك وسعه أن يشهد .
( ألا ترى ) أنه لو مات ميت فأخرجت جنازته حتى يدفن وسع الجيران أن يشهدوا بموته وإن لم يعاينوا ذلك لأنهم سمعوا