السنة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده أن لا تجوز شهادة النساء في الحدود وبه نأخذ لأن في شهادة النساء ضرب من الشبهة فإن الضلال والنسيان يغلب عليهن ويقل معهن معنى الضبط والفهم بالأنوثة إلى ذلك أشار الله تعالى في قوله عز وجل ! < أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى > ! 282 ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء بنقصان العقل والدين والحدود تندرئ بالشبهات وما يندرئ بالشبهات لا يثبت بحجة فيها شبهة تيسيرا للتحرز عنها ولا يقال فالشبهة في شهادة الرجال قائمة ما لم يبلغوا حد التواتر ولهذا لا يثبت علم اليقين بخبرهم لأن تلك الشبهة لا يمكن التحرز عنها بجنس الشهود فسقط اعتبارها ولا يجوز أقل من شاهدين في الحقوق بين الناس ولا في الجراحات يعني عند إمكان اشتراط العدد من غير جرح وذلك فيما يطلع عليه الرجال للإناث التي بلونا في اشتراط العدد في الشهود قال ولو كان يجوز شهادة رجل واحد لم يكن لخزيمة بن ثابت رضي الله عنه فضل في شهادته وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين خصه بذلك وقصة هذا الحديث ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى ناقة من أعرابي وأوفاه الثمن ثم جحد الأعرابي استيفاء الثمن وجعل يقول واغدراه هلم به شهيدا فقال صلى الله عليه وسلم من يشهد لي فقال خزيمة بن ثابت رضي الله عنه أنا أشهد لك يا رسول الله أنك أوفيت الأعرابي ثمن الناقة فقال صلى الله عليه وسلم كيف تشهد لي ولم تحضرنا فقال يا رسول الله إنا نصدقك فيما تأتينا به من خبر السماء أفلا نصدقك فيما تخبر به من أداء ثمن الناقة فقال صلى الله عليه وسلم من شهد له خزيمة فحسبه .
ثم هذا النوع من الشهادة ينقسم ثلاثة أقسام في اشتراط العدد فقسم يشترط فيه عدد الأربعة في الشهود وهو الزنى الموجب للحد ثبت ذلك بقوله تعالى ! < فاستشهدوا عليهن أربعة منكم > ! 15 وقوله تعالى ! < ثم لم يأتوا بأربعة شهداء > ! 41 ولا يشترط عدد الأربعة فيما سوى الزنى العقوبات وغير العقوبات في ذلك سواء وليس في ذلك معنى سوى أن الله تعالى يحب الستر على العباد ولا يرضي بإشاعة الفاحشة فلذلك شرط في الزنى زيادة العدد في الشهود ولهذا جعل النسبة إلى هذه الفاحشة في الأجانب موجبا للحد وفي الزوجات موجبا للعان بخلاف سائر الفواحش لستر العباد بعضهم على بعض وبيان ذلك في حديث ماعز رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه هلا سترته بثوبك وفي بعض الروايات شين وإلى اليتيم أنت .
وفي قسم يشترط فيه شهادة رجلين وهو القصاص والعقوبات التي تندرئ بالشبهات .
وقسم يشترط فيه شهادة رجلين أو رجل وامرأتين وذلك فيما يثبت مع الشبهات بيانه في قوله تعالى ! < فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان > !