موضع إلى موضع بخلاف العبد لأن الاستخدام له حد معلوم بالعرف فإذا كلفه فوق ذلك امتنع العبد منه سواء كان المستأجر هو الذي يستخدمه أو غيره فلا فائدة في التعيين هناك بخلاف ما إذا خرج بنفسه لأنه هو الذي يختار موضع النصب للفسطاط .
وإذا كان ذلك برأيه كما أوجبه العقد فسكناه وسكنى غيره بعد ذلك سواء فأما إذا دفعه إلى غيره ليخرج به فاختيار موضع نصب الفسطاط لا يكون برأيه بل يكون برأي الذي خرج به وذلك خلاف موجب العقد وعلى هذا قالوا لو لم يبين عند الاستئجار من يخرج به فالعقد فاسد في قول أبي يوسف رحمه الله كما لو لم يبين من يلبس الثوب عند الاستئجار .
وعند محمد رحمه الله العقد جائز كما في خدمة العبد وسكنى الدار ولو انقطعت أطناب الفسطاط كلها فصنعها المستأجر من عنده ثم نصب الفسطاط حتى رجع فعليه الأجر كله لأنه استوفى المعقود عليه فالمعقود عليه منفعة الفسطاط لا منفعة الإطناب .
فإذا تمكن من استيفاء المعقود عليه بأطناب نفسه لزمه الأجر كما في استئجار الرحا إذا انقطع الماء فطحن المستأجر بحمله وجب عليه الأجر ثم يمسك أطنابه لأنه ملكه فيمسكه إذا رد الفسطاط ولو لم تعلق عليه الأطناب لم يكن عليه الكراء لأنه لم يكن متمكنا من استيفاء المعقود عليه بملك صاحب الفسطاط ولا يعتبر تمكنه من الاستيفاء بملك نفسه لأن ذلك ليس مما أوجبه العقد وكذلك لو انكسر عمود الفسطاط .
فإما إذا انكسرت أوتاده فلم يضر به حتى رجع كان عليه الكراء كاملا وليس الأوتاد مثل الأطناب والعمود لأن الأوتاد من قبل المستأجر والأطناب والعمود من قبل صاحب الفسطاط .
ومن أصحابنا رحمهم الله من يقول أنه بنى هذا الجواب على عرف ديارهم فأما في عرف ديارنا الأوتاد من قبل صاحب الفسطاط .
والأصح أن يقول من الأوتاد ما يتيسر وجوده في كل موضع ولا يتكلف بحمل مثله من موضع إلى موضع فهذا على المستأجر ومنه ما يكون متخذا من حديد وذلك لا يوجد في كل موضع فمثله يكون على صاحب الفسطاط كالعمود فمراده مما قال الأوتاد التى توجد في كل موضع فبانكسارها لا يزول تمكنه من استيفاء المعقود عليه فيكون الأجر عليه بخلاف العمود والأطناب .
( وإن تكارى فسطاطا يخرجه إلى مكة فخلفه بالكوفة حتى رجع فهو ضامن ) لأنه أمسكه في غير الموضع المأذون فيه فإن صاحبه إنما أذن له في الإمساك في الطريق ليقرر حقه في الأجر ويفوت عليه هذا المقصود إذا أمسكه بالكوفة وإمساك الغير بغير إذن مالكه موجب الضمان عليه ولا كراء عليه لأنه ما تمكن من استيفاء المعقود عليه فالمعقود عليه نصبها