فالحاجة إلى دفع الضرر عنه عذر في فسخ الإجارة .
وكذلك إذا حبلت لأن لبنها يفسد بذلك ويضر بالصبي فإذا خافوا على الصبي من ذلك كان لهم عذر .
وكذلك إن كانت سارقة فإنهم يخافون على متاعهم إن كانت في بيتهم وعلى متاع الصبي وحليته إذا كان معها .
وكذلك إن كانت فاجرة بينة فجورها فيخافون على أنفسهم فهذا عذر لأنها تشتغل بالفجور وبسببه ينقص من قيامها بمصالح الصبي وربما تحمل من الفجور فيفسد ذلك لبنها وهذا بخلاف ما إذا كانت كافرة لأن كفرها في اعتقادها ولا يضر ذلك بالصبي ولا يبعد أن يقال عيب الفجور في هذا فوق عيب الكفر .
( ألا ترى ) أنه قد كان في بعض نساء الرسل كافرة كامرأة نوح ولوط عليهما السلام وما بغت امرأة نبي قط هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكذلك إذا أرادوا سفرا فتأبى أن تخرج معهم فهذا عذر لأنه لا يتعذر الخروج للسفر عند الحاجة لما عليهم من ذلك من الضرر ولا تجبر هي على الخروج معهم لأنها ما التزمت تحمل ضرر السفر ولا يمكنهم ترك الصبي عندها لأن غيبتهم عن الولد توحشهم فلدفع الضرر يكون لهم أن يفسخوا الإجارة وليس للظئر أن تخرج من عندهم إلا من عذر وعذرها من مرض يصيبها لا تستطيع معه الرضاع لأنها تتضرر بذلك وربما يصيبها انضمام تعب الرضاع إلى المرض .
ولهم أن يخرجوها إذا مرضت لأنها تعجز بالمرض عما هو مقصودهم وهو الإرضاع فربما يقل بسببه لبنها أو يفسد وكذلك إن لم يكن زوجها سلم الإجارة فله أن يخرجها لما بينا .
وكذلك إن لم تكن معروفة بالظئورة فلها أن تفسخ لأنها ربما لا تعرف عند ابتداء العقد ما تبتلي به من المقاساة والسهر فإذا جربت ذلك تضررت ولأنها تغيرت من هذا العمل على ما قيل تجوع الحرة ولا تأكل بسدييها وما كانت تعرف ما يلحقها من الذل إذا لم تكن معروفة بذلك فإذا عملت كان لها أن تفسخ العقد .
وإن كان أهل الصبي يؤذونها بالسنتهم كفوا لأن ذلك ظلم منهم والكف عن الظلم واجب وإن ساؤا أخلاقهم معها كفوا عنها لأن سوء الخلق مذموم فإذا لم يكفوا عنها كان لها أن تخرج لأنها تتضرر بالصبر على الأذى وسوء الخلق .
ولو كان زوجها قد سلم الإجارة فأرادوا منعه من غشيانها مخافة الحبل وأن يضر ذلك بالصبي فلهم أن يمنعوه ذلك في منزلهم لأن المنزل لهم فلا يكون له أن يدخله إلا بإذنهم وان لقيها في منزله فله أن يغشاها لأن ذلك مستحق له بالنكاح وبتسليم الإجارة لا يسقط حقه عما كان مستحقا له فلا تستطيع الظئر أن تمنع نفسها ولا يسع أهل الصبي أن يمنعوها عن ذلك ولا يسع الظئر أن تطعم أحدا من طعامهم بغير أمرهم