وفيه كلام نبينه في بابه .
ثم الإسلام يهدم ما كان في الشرك من الجناية على خالص حق الله تعالى قال الله جل وعلا ! < قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف > ! 38 وقال الإسلام يجب ما قبله والتوبة قبل قدرة الإمام عليه مسقطة لهذه العقوبة بالنص على ما نبينه إن شاء الله تعالى وذكر عن عبد الله بن عمر عن رسول الله أنه لا تقطع اليد إلا في ثمن المجن وهو يومئذ يساوي عشرة دراهم وفيه دليل على أن النصاب في المسروق معتبر لإيجاب القطع على السارق وهو قول فقهاء الأمصار وأصحاب الظواهر يقولون لا يعتبر النصاب فيه وقد نقل ذلك عن الحسن البصري رحمه الله تعالى واستدلوا بالآية فإن الله عز وجل قال ! < والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما > ! 38 يعني بالسرقة لأن السارق اسم مشتق من فعل والفعل الذي اشتق منه الاسم يكون علة للحكم ولكن السرقة لا تتحقق إلا بصفة المالية والمملوكية والحرز فإن أخذ المال المباح يسمى اصطيادا أو احتطابا لا سرقة وكذلك ما ليس بمحرز محفوظ فأخذه لا يكون سرقة لانعدام مسارقة عين الحافظ فشرطنا ما يقتضيه اسم السرقة وليس في اسم السرقة ما يدل على النصاب فالسرقة تتحقق في القليل والكثير فاشتراط النصاب يكون زيادة على النص وذلك يعدل النسخ وفي الحديث أن النبي قال لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده والبيضة قد لا تساوي أكثر من فلس ولا يجوز أن يقال المراد بيضة الحديد وحبال السفن واللؤلؤ لأن المقصود بيان حقارة السارق وفي حمله على ما قلتم تفويت هذا المقصود .
ولكنا نقول لما كان في اسم السرقة ما ينبئ عن صفة الإحراز صار كون المال محرزا شرطا بالنص وشرائط العقوبة يراعى وجودها بصفة الكمال لما في النقصان من شبهة العدم والإحراز إنما يتم في المال الخطير دون الحقير فالقليل لا يقصد الإنسان إحرازه عادة وإليه أشارت عائشة رضي الله عنها في قولها كانت اليد لا تقطع على عهد رسول الله في الشيء التافه فصار ما يتم به الإحراز وهو كون المال خطيرا ثابتا بالنص .
والمراد من الحديث بيضة