إلى ديونها فإذا تعذر بيعها بالاستيلاد وجب قضاء ديونها من كسبها بخلاف الجناية فإنها تتباعد عن الجاني وتتعلق بأقرب الناس إليه .
ألا ترى أن دين المملوك يبقى في ذمته بعد بيعه ولا تبقى الجناية في رقبته بعد بيعه أو عتقه .
وولد أم الولد ثابت النسب من المولى ما لم ينفه لأنها فراش له وقال عليه الصلاة والسلام الولد للفراش ولكن ينتفي عنه بمجرد النفي عندنا .
وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى إن لم يكن استبرأها بحيضة يلزمه نسب ولدها وليس له أن ينفيه وإن كان قد استبرأها بحيضة بعد ما وطئها لا يلزمه نسب ولدها إلا بالدعوة وحكمها وحكم الأمة التي ليست بأم ولد سواء عنده بناء على أصلين له أحدهما أنه لا عدة على أم الولد بعد العتق كالأمة القنة وإنما يلزمها الاستبراء بحيضة وقد بينا هذا في كتاب النكاح .
والثاني أن عنده الأمة تصير فراشا بنفس الوطء وقد بينا هذا أيضا فيما أمليناه من شرح الدعوى فإذا صارت عنده فراشا بالوطء لا يرتفع حكم هذا الفراش إلا بالاستبراء .
فإن جاءت بالولد قبل أن يستبرئها يلزمه النسب لوجود دليله شرعا فلا يملك نفيه كما لو قامت البينة به وإن استبرأها بحيضة فقد انعدم حكم ذلك الفراش لأن بسببها كان اشتغال رحمها بمائه بالوطء وقد انعدم ذلك بالاستبراء فلا يلزمه النسب إلا بالدعوة وعندنا له على أم الولد فراش معتبر ولهذا لزمها أن تعتد بثلاث حيض بعد العتق فثبت النسب باعتبار الفراش ولكن هذا الفراش غير ملزم في حقه ولهذا يملك تزويجها من غيره فكما ينفرد بنقل الفراش إلى غيره ينفرد بنفي نسب الولد وإنما يملك نفيه ما لم يقض به القاضي أو يتطاول ذلك فأما بعد قضاء القاضي فقد لزمه بالقضاء على وجه لا يملك إبطاله وكذلك بعد التطاول لأنه يوجد منه دليل الإقرار في هذه المدة من قبول التهنئة ونحوه فيكون كالتصريح بالإقرار واختلافهم في مدة التطاول قد سبق بيانه في باب اللعان من كتاب الطلاق .
فأما الأمة والمدبرة فلا يلزمه ولدهما وإن حصنهما وطلب ولدهما ما لم يقربه لأن الفراش على المملوكة لا يثبت بالوطء عندنا والنسب لا يثبت بدون الفراش إلا أنه روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه إذا وطئها ولم يعزل عنها وحصنها فله أن يدعي نسب ولدها وليس له أن ينفيه فيما بينه وبين ربه لأن الظاهر أنه منه والبناء على الظاهر واجب فيما لا تعلم حقيقته .
فأما إذا عزل عنها أو لم يحصنها فله أن ينفيه لأن هذا الظاهر يقابله ظاهر آخر .
وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه إذا وطئها ولم يستبرئها بعد ذلك حتى جاءت بالولد فعليه أن يدعيه سواء عزل عنها أو لم يعزل