ثم صلى العشاء ثم قال هكذا كان يفعل رسول الله إذا جد به السير وعن علي رضي الله تعالى عنه أنه فعل مثل ذلك في بعض أسفاره صلى المغرب في آخر الوقت والعشاء في أوله وتعشى بينهما وفي الحقيقة تنبنى هذه المسألة على أصل وهو أن عنده بين وقت الظهر والعصر تداخلا حتى إذا بلغ الصبي أو أسلم الكافر في وقت العصر يلزمهما قضاء الظهر وكذلك المغرب مع العشاء .
وعندنا لا تداخل بل كل واحد منهما مختص بوقته .
ودليلنا ما روينا لا يدخل وقت صلاة حتى يخرج وقت الأخرى .
قال ( ووقت الوتر من حين يصلى العشاء إلى الفجر والأفضل تأخيرها إلى آخر الليل ) لحديث خارجة بن حذافة رضى الله تعالى عنهما أن النبي قال إن الله تعالى أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم ألا وهي الوتر فصلوها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر وقالت عائشة رضى الله تعالى عنها من كل الليل أوتر رسول الله من أوله وأوسطه وآخره وانتهى وتره إلى السحر وقال صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر يوتر لك ما قبله وكان أبو بكر رضى الله تعالى عنه يوتر من أول الليل وعمر رضى الله تعالى عنه من آخر الليل وقال لأبي بكر رضى الله تعالى عنه أخذت بالثقة ولعمر رضى الله تعالى عنه أخذت بفضل القوة .
( فإن أوتر في وقت العشاء قبل أن يصلى العشاء وهو ذاكر لذلك لم يجزه بالاتفاق ) لأنه أداها قبل وقتها أو ترك الترتيب المأمور به من بناء الوتر على العشاء .
فأما إذا صلى العشاء بغير وضوء وهو لا يعلم به ثم جدد الوضوء فأوتر ثم علم أنه كان صلى العشاء بغير وضوء فعليه إعادة العشاء دون الوتر في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن الترتيب كان ساقطا عنه بعذر النسيان .
وعندهما يلزمه اعادة الوتر لأن عندهما دخول وقت الوتر بعد أداء العشاء على وجه الصحة ولم يوجد فكان مصليا قبل وقته .
وعند أبي حنيفة رحمه الله يدخل وقت الوتر بدخول وقت العشاء إنما كان عليه مراعاة الترتيب وقد سقط ذلك بالنسيان .
وإنما ينبني هذا على اختلافهم في صفة الوتر فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى واجب أو فرض فلا يكون تبعا للعشاء .
وعندهما سنة فكان تبعا للعشاء وسيأتي بيان هذا الفصل .
قال ( ولا يتطوع بعد طلوع الفجر إلا بركعتي الفجر إلى أن تطلع الشمس وترتفع ) واعلم بأن الأوقات التي تكره فيها الصلاة خمسة ثلاثة منها لا يصلى فيها جنس الصلوات .
عند طلوع الشمس إلى أن