ولا سبب لوجوب هذا الضمان على الوارث .
( فإن قيل ) لا كذلك بل هذا دين لزمه فيمنع انتقال المال إلى وارثه .
( قلنا ) ما لزمه شيء قبل أن يختار الشريك ضمانه ولو لزمه فهذا ليس بدين صحيح يتقرر ألا ترى أن العسرة تمنع وجوبه ومثل هذا الدين لا يمنع ملك الوارث ثم تقريره من وجهين أحدهما أن هذا في الصورة دين وفي المعنى صلة لأن وجوبها لإكمال الصلة وهو العتق والصلة .
وأن تقرر سببها في حياته يجعل كالمضاف إلى ما بعد الموت حتى يتعين من الثلث ولهذا الحرف قال بن أبي ليلى رضي الله تعالى عنه إن كان الضمان يخرج من ثلث ماله يجب وإلا فلا .
ولكنا نقول لكونه في حكم الصلات لا يمنع نقل الملك إلى الوارث ولا يجوز استيفاؤه من مال الوارث لما قلنا ولأن المرض أنفى للضمان من الفقر حتى أن الفقر لا يمنع ضمان الكفالة والمرض يمنع منه فيما زاد على الثلث فإذا كان الفقر ينفي وجوب الضمان للعتق أصلا فلأن ينفيه من مرض الموت أصلا أولى وهذا بخلاف المكاتب لأن الضمان هناك يجب في كسبه وهو أحق بكسبه يدا وتصرفا إنما ينعدم بسبب الرق حقيقة الملك والغنا وقد بينا أنه لا معتبر بالغنا في وجوب ضمان العتق إنما المعتبر هو اليسر والأداء على المكاتب متيسر هناك من كسبه والمكاتب فيما يتقرر منه من أسباب الصلة كالحر ألا ترى أن المحاباة اليسيرة تصح منه بالإتفاق ومن المريض تعتبر من ثلثه وهذا بخلاف ما لو كان العتق في الصحة فإن الضمان يستوفي من تركته بعد موته لأن السبب هناك تقرر في حال كونه مطلق التصرف في الصلات فيتقرر وجوبه عليه ألا ترى أنه لو كفل بمال في صحته فهو معتبر من جميع ماله بخلاف ما إذا كفل في مرضه فهذا مثله .
وإذا أعتق أحد الشريكين العبد ثم اختلفا فقال المعتق أعتقته وأنا معسر عام أول ثم أصبت مالا بعد ذلك وقال الآخر بل أعتقته عام أول وأنت موسر فالقول قول المعتق لأن حاله يتبدل في مثل هذه المدة وإن أقاما البينة فالبينة بينة الساكت لأنه يثبت اليسار والضمان لنفسه بسببه وإذا كان العبد بين رجلين فقال أحدهما إن لم أضربه اليوم فهو حر وقال الآخر إن ضربته سوطا فهو حر فضربه سوطين ثم مات منهما ففي المسألة حكمان حكم العتق وحكم الجناية أما حكم العتق أنه يعتق نصيب الذي لم يضربه لوجود شرط حنثه حين ضربه سوطا وإن كان موسرا فللضارب الخيار بين أن يضمنه نصف قيمته مضروبا سوطا وبين أن يستسعي العبد في ذلك لأنه إنما صار معتقا له وهو منقوص بضرب السوط الأول وقد بينا أن إيجاد الشرط