@ 185 @ بخلاف ما إذا اختلط بالماء وبخلاف ما إذا اختلط بالدواء لأن المقصود هناك هو اللبن على ما نبين إن شاء الله تعالى من قريب قال رحمه الله ( ويعتبر الغالب لو بماء ودواء ولبن شاة وامرأة أخرى ) أي لو اختلط بماء أو دواء أو بلبن شاة أو بلبن امرأة أخرى لأن المغلوب لا يظهر فصار مستهلكا أما الأول وهو ما إذا اختلط بالماء فلأنه إن كان الماء غالبا صار مستهلكا للبن فلا يحصل به التغذي ولا إنبات اللحم ولا إنشاز العظم وقد قال صلى الله عليه وسلم الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم ولا يسمى رضاعا ولا وجورا فلا يعتبر فصار كما لو حلف لا يشرب لبنا لا يحنث بشرب الماء الذي فيه أجزاء اللبن وأما الثاني وهو ما إذا اختلط بالدواء فلأن اللبن مقصود فيه إذ الدواء لتقويته على الوصول فتعتبر الغلبة وفي المنتفي فسر الغلبة في رواية ابن سماعة عن أبي يوسف فقال إذا جعل في لبن المرأة دواء فغير لونه ولم يغير طعمه أو على العكس فأوجر به صبي حرم وإن غير اللون والطعم ولم يوجد فيه طعم اللبن وذهب لونه لم يحرم وفسر الغلبة في رواية الوليد عن محمد فقال إذا لم يغيره الدواء من أن يكون لبنا ثبتت به الحرمة وقيل عند أبي حنيفة بمنزلة خلطه بالطعام وأما الثالث وهو ما إذا اختلط بلبن شاة فهو كما إذا اختلط بالماء لاختلاف الجنس بين لبن الآدمية وبين لبن البهيمة وقال في الغاية ولم يذكروا الحكم فيما إذا كانا متساويين وينبغي أن تثبت به الحرمة احتياطا ولأنه غير مغلوب فلم يكن مستهلكا وأما الرابع وهو ما إذا اختلط لبن امرأتين فالمذكور هنا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد وزفر تعلق بهما التحريم كيفما كان وهو رواية عن أبي حنيفة ووجهه أن المعنى لا يختلف بالزيادة بل يقوى بها وكل واحد محرم لأنه سبب لإنبات اللحم وإنشاز العظم ويستوي فيه قليله وكثيره والجنس لا يغلب الجنس فلا يصير مستهلكا به لاتحاد المقصود ولهما أن الأقل تابع للأكثر في بناء الحكم عليه كما لو اختلط بلبن الأنعام وإن اتحد المقصود وأصل المسألة في الأيمان إذا حلف لا يشرب من لبن هذه البقرة فخلط لبنها بلبن بقرة أخرى والمحلوف عليه مغلوب فإنه على الخلاف وقول محمد وزفر أظهر وأحوط كذا في الغاية قال رحمه الله ( ولبن البكر والميتة محرم ) أي مثبت للحرمة أما لبن البكر فلإطلاق النصوص ولأنه سبب النشوء والنمو فيثبت به شبهة البعضية كلبن غيرها من النساء إذ هو لبن حقيقة وأما الميتة فمذهبنا وقال الشافعي لا يثبت بلبن الميتة حرمة لأن الأصل في ثبوت الحرمة المرأة حتى تصير أما له وتتعلق به الأحكام وبالموت لم تبق محلا له ولهذا لا يوجب وطؤها حرمة المصاهرة ولأن اللبن محله الحياة فيموت بموتها فيكون نجسا فلا يفيد حرمة الرضاع ولأن هذا الفعل حرام وحرمة الرضاع كرامة فلا تنال بالحرام كالزنا في ثبوت حرمة المصاهرة عنده ولنا أنه لبن حقيقة وهو سبب النشوء والنمو فيتناوله إطلاق النصوص ولا نسلم أن اللبن يموت بموتها ألا ترى أنه يحل إذا بان من الحي ولو كان يموت لما حل لأن ما أبين منه ميت وقوله نجس أو فعل حرام يبطل بما إذا خالطه خمر فأوجر به صبي فإنه يتعلق به التحريم إذا كان اللبن غالبا إجماعا لما فيه من إنبات اللحم وإنشاز العظم وهو المعتبر في الباب ولا نسلم أن الحكم لا يثبت في حقها بل يثبت في حقها دفنا وتيميما ألا ترى أن لبنها لو حلب في حياتها فأوجر به صبي بعد موتها يثبت به التحريم ولو كان ما ذكره مانعا لما ثبت والحرمة بالوطء لكونه ملاقيا محل الحرث وقد زال بالموت قال رحمه الله ( لا الاحتقان