@ 58 @ خوف الإفساد يتحقق من وقت الإحرام وهذا لأن التحرز عن الوقاع يجب بعده ولنا أن الافتراق ليس بنسك في الأداء فكذا في القضاء لأن القضاء يحكي الأداء ولأن الجامع بينهما وهو النكاح قائم فلا معنى للافتراق قبل الإحرام لإباحة الوقاع ولا بعده لأنهما يتذكران ما لحقهما من المشقة العظيمة بسبب لذة يسيرة فيزدادان ندما وتحرزا فلا معنى للافتراق ألا ترى أنه لا يؤمر أن يفارقها في الفراش حالة الحيض ولا حالة الصوم مع توهم تذاكرهما ما كان بينهما حالة الطهر والفطر والافتراق المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم محمول على الندب والاستحباب لا على الحتم والإيجاب ونحن نقول به إذا خيف ذلك قال رحمه الله ( وبدنة لو بعده ولا فساد ) أي يجب عليه بدنة لو جامع بعد الوقوف بعرفة ولا يفسد حجه وقال الشافعي يفسد حجه إذا جامع قبل الرمي اعتبارا بما لو جامعها قبل الوقوف والجامع أن كلا منهما قبل التحلل ولنا قوله صلى الله عليه وسلم من وقف بعرفة فقد تم حجه وحقيقة التمام غير مراد لبقاء طواف الزيارة عليه وهو ركن فتعين التمام حكما بالأمن من الفساد وبفراغ الذمة عن الواجب ووجوب البدنة مروي عن ابن عباس ولا يعرف ذلك إلا سماعا ولأنه أعلى الارتفاقات فيتغلظ موجبه ولو كان قارنا فعليه بدنة لحجه وشاة لعمرته قال رحمه الله ( أو جامع بعد الحلق ) يعني يجب عليه الشاة إذا جامع بعد الحلق قبل طواف الزيارة وهو معطوف على ما قبله مما تجب فيه الشاة لا على ما يليه مما تجب فيه البدنة لأن الجناية خفت لوجود الحل في حق غير النساء وذكر في الغاية معزيا إلى المبسوط والبدائع والإسبيجابي لو جامع القارن أول مرة بعد الحلق قبل طواف الزيارة فعليه بدنة للحج وشاة للعمرة لأن القارن يتحلل من الإحرامين معا بالحلق إلا في حق النساء فهو محرم بهما في حق النساء وهذا يخالف ما ذكره القدوري وشروحه لأنهم يوجبون على الحاج الشاة بعد الحلق وهؤلاء أوجبوا البدنة عليه وذكر فيه أيضا معزيا إلى الوبري أن القارن لو جامع بعد الحلق قبل طواف الزيارة يجب عليه بدنة للحج ولا شيء عليه للعمرة لأنه خرج من إحرامها بالحلق وبقي إحرام الحج في حق النساء وهو مشكل لأنه إذا بقي محرما في حق الحج فكذا في العمرة ولو لم يحلق حتى طاف للزيارة ثم جامع قبل الحلق فعليه شاة لوجود الجناية في الإحرام لأنه لا يتحلل إلا بالحلق وإن كان قارنا يجب عليه دمان قال رحمه الله ( أو في العمرة قبل أن يطوف لها الأكثر وتفسد ويمضي ويقضي ) أي لو جامع في العمرة قبل أن يطوف لها أربعة أشواط وهو الأكثر يلزمه شاة وهو معطوف على ما قبله مما يجب فيه الشاة وتفسد عمرته ويمضي فيها ويقضيها كالحج إذا جامع فيه قبل الوقوف قال رحمه الله ( أو بعد طواف الأكثر ولا فساد ) أي لو جامع بعد ما طاف الأكثر من طواف العمرة يجب عليه شاة ولا تفسد عمرته وقال الشافعي تفسد في الوجهين وعليه بدنة اعتبارا بالحج إذ هي فرض عنده كالحج ولنا أنها سنة فكانت أحط رتبة منه فتجب الشاة فيها والبدنة في الحج إظهارا للتفاوت بينهما وطواف العمرة ركن فصار كالوقوف بعرفة وأكثره يقوم مقام كله قال رحمه الله ( وجماع الناسي كالعامد ) لاستوائهما في الاتفاق وهو الموجب وكذا جماع النائمة والمكرهة مفسد لما ذكرنا وفيه خلاف الشافعي هو يقول إن فعله لم يقع جناية لعدم الحظر مع العذر فشابه الصوم قلنا الاتفاق موجود وهو الموجب بخلاف الصوم لأن مذكر فصار كالصلاة بخلاف الصوم وقد ذكرناه غير مرة قال رحمه الله ( أو طاف للركن محدثا ) أي تجب شاة إذا طاف طواف الزيارة محدثا وقال الشافعي لا يعتد به لما روى ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه