[ 282 ] لا تنقلب إلى صورة فان كل صورة تعاند وتنازع الصورة الاخرى فكيف تقبلها نعم الهيولى تقبل صورة زمانا ثم تخلع عنها تلك الصورة بعد ذلك الزمان وتكسو بدلها صورة اخرى في زمان اخر والا فان صارت صورة صورة كان ذلك انقلابا مستحيلا فلحم البدن لا يصير ترابا ولا دودا ولا غير ذلك بما هي صور لاباء كل وتعصيه عن الاخر فصورة البدن الدنيوي في حدها ومرتبتها ازلا وابدا صورة بدن وكذا صورة التراب والدود كل في حده هو هو وما يقال في المحاورات ان البدن أو اللحم صار ترابا معناه ان هيولى البدن أو اللحم التى هي ايضا بدن أو لحم لانها ايضا جزئهما كالصورة صارت ترابا أي خلع عنها صورة البدن واكتست صورة التراب كما انه إذا قيل في الانقلابات صار الماء هواء كان معناه ان المادة المكتسية صورة المائية خلعت عنها الصورة المائية وتلبست متعاقبة بالصورة الهوائية لان الماء بما هو ماء صار هواء بما هو هواء والحاصل ان الصور جميعا سواء كانت آنيات الوجود أو زمانياته وسواء كانت الزمانيات قصيرة البقاء أو طويلته باقية في وعاء الدهر كما مر انه لا ينقص من خزائنه شئ وبهذا يدفع شبهة الاكل والمأكول إذ كما اشرنا صور ابدان المؤمنين المأكولة للكافر لا تصير صورة الكافر بل كل صورة لصاحبه والمادة هي المتحولة في الصور سواء كانت هي الهيولى الاولى أو الجسمية المطلقة والامتداد المطلق أو الاجزاء التى لا تتجزى أو الاجرام الصغار الصلبة ولما كانت الاجسام الاخروية صورا صرفة بلا هيولى فلا تصادم وازدحام فيها ولا مكان لها من جنس امكنة هذا العالم بان يكون في شرق هذا العالم أو غربه أو علوه أو سفله كما في الصور التى في عالم مثالك الاصغر سواء تراها في يقظتك أو منامك بل الصور التى في المرائى ايضا لامكان لها في هذا العالم ولا تتطرق شبهة التناسخ ايضا لان تلك الصور من النفس كالظل اللازم لا كالمادة المستعدة لها كالابدان الدنيوية وان شئت سم ذلك تناسخا ملكوتيا فلنكتف بهذا القدر من الكلام في المعاد ولنرجع إلى شرح الاسماء الشريفة فنقول هو تعالى اول كلشئ لان الوجود المطلق الذى في كلشئ نور من ربه اول بالنسبة إلى كل احواله ولذا كان كلشئ بما هو موجود مطلق من غير تخصص طبيعي أو تعليمي موضوع اول العلوم اعني الفلسفة الاولى وبالجملة كان الله ولم يكن معه شئ واخر كلشئ الا إلى الله تصير الامور يفنى كل مظهر اسم في ذلك الاسم ثم يفنى ذلك الاسم في المسمى كمال الاخلاص نفى الصفات والاسماء وهو تعالى اله كلشئ ومالكه ملكوت كلشئ وازمة وجوده بيده وهو اخذ بناصيته وهو رب كلشئ وصانعه وبارئ كلشئ ________________________________________