(596) والثاني - أنه لايغفر الذنب الذي يستحق عليه العقاب إلا الله تعالى. وقوله: (ولم يصروا على ما فعلوا) فالاصرار هو المقام على الذنب من غير اقلاع منه بالتوبة في قول قتادة. وقال الحسن: هو فعل الذنب من غير توبة والاول أقوى، لانه نقيض التوبة. وأصله الشد من الصرة والصر شدة البرد، والاصرار إنما هو ارتباط الذنب بالاقامة عليه. وما قاله الحسن هو في حكم الاصرار. وقوله: " وهم يعلمون " ههنا يحتمل أمرين: أحدهما - وهم يعلمون الخطيئة ذاكرين لها غير ساهين، ولا ناسين. قال الجبائي، والله عزوجل يغفر للعبد ما نسيه من ذنوبه، وان لم يتب منه بعينه، كما يغفر له ما تاب منه، لانه قد فعل في حال النسيان جميع ما عليه. والثاني - وهم يعلمون الحجة في أنها خطيئة. وأما من اجتهد في الاحكام فأخطأ على مذهب من يقول بالاجتهاد، فلا اثم عليه، وكذلك من تزوج بذات محرم من الرضاع أو النسب وهو لايعلم، أو غير ذلك، فلا إثم عليه بلا خلاف لانه لم يعلم ذلك، فاقدم عليه، ولا يلزم عليه ذلك أن يكون الكافر معذورا بكفره إذا لم يعلمه قبيحا، لان الكافر له طريق إلى العلم به، وكذلك نقول: إن من أسلم في دار الحرب، وخرج فاستحل في طريقه الخمر أو لحم الخنزير قبل أن يعلم تحريمها من الشرع، فلا اثم عليه، لانه في تلك الحال لا طريق له إلى العلم بقبحه. قوله تعالى: (أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) (136) آية واحدة. قوله: " أولئك " اشارة إلى من تقدم وصفهم من المتقين الذين ينفقون في السراء والضراء، ويكظمون الغيظ، ويعفون عن الناس، " وإذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم "، فقال هؤلاء: " لهم جنات