[524] الآيات يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيبُواْ قَوْماً بِجَهَـلَة فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَـدِمِينَ( 6 ) وَاعْلَمُواْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِير مِنَ الاَْمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الاِْيمَـنَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَـئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ( 7 ) فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ( 8 ) سبب النّزول قال بعض المفسّرين كالطبرسي في مجمع البيان: هناك قولان في شأن نزول الآية الأولى من الآيات أعلاه، ولكنّ بعضهم اكتفى بقول واحد منهما كالقرطبي وسيد قطب، ونور الثقلين. فالقول الأوّل في شأن نزول الآية محل البحث الذي ذكره أغلب المفسّرين أنّ الآية الكريمة: (يا أيّها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ) نزلت في "الوليد بن عقبة" وذلك أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أرسله لجمع الزكاة من قبيلة "بني المصطلق" فلمّا علم بنو المصطلق أنّ مبعوث الرّسول قادم إليهم سّروا كثيراً وهُرعوا لإستقباله، إلاّ أنّ الوليد حيث كانت له خصومة معهم في زمان الجاهلية، شديدة، تصوّر أنّهم يريدون قتله. فرجع إلى النّبي "ومن دون أن يتحقّق في الأمر" وقال: يا رسول الله إنّهم امتنوا عن دفع الزكاة "ونعرف أنّ عدم دفع الزكاة هو نوع من الوقوف بوجه الحكومة الإسلامية فبناءً على ذلك فإنّ مدّعى الوليد يقتضي أنّهم مرتدّون"!! فغضب النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك وصمّم على أن يقاتلهم فنزلت الآية آنفة الذكر(1)... وأضاف بعضهم أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أخبره الوليد بن عقبة بارتداد قبيلة (بني المصطلق) أمر خالد بن الوليد بن المغيرة أن يمضي نحوها وأن لا يقوم بعمل حتى يتريث ويعرف الحقّ... فمضى خالد ليلاً وصار قريباً من قبيلة بني المصطلق وبعث عيونه ليستقصوا الخبر فعادوا إليه وأخبروا بأنّهم مسلمون "أوفياء لدينهم" وسمعوا منهم صوت الآذان والصلاة، فغدا خالد عليهم في الصباح بنفسه فوجد ما قاله أصحابه صدقاً فعاد إلى النّبي وأخبره بما رأى فنزلت الآية آنفة الذكر، وعقّب النّبي عليها... "التأنّي من الله والعجلة من الشيطان"(2). وذكر بعض المفسّرين قولاً آخر في شأن نزول الآية وعوّلوا عليه فحسب، وهو أنّ الآية نزلت في "مارية القبطية" زوج النّبي وأم إبراهيم (عليه السلام)، لأنّه قيل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)أنّ لها ابن عمٍّ "يُدعى جريحاً" تتردّد إليه أحياناً "وبينهما علاقة غير مشروعة" فأرسل النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خلف علي (عليه السلام) فقال له "يا أخي خذ السيف فإن وجدته عندها فاضرب عنقه..." فأخذ أمير المؤمنين السيف ثمّ قال بأبي أنت وأمي يا رسول الله: أكونُ في أمرك إذا أرسلتني كالسكة المحماة; أمضي لما أمرتني أم الشاهد يُرى ما لا يرى الغائب فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب"، قال علي: فأقبلتُ متوشّحاً بالسيف فوجدته عندها فاخترطت السيف فلمّا عرف أنّي أريده أتى نخلةً فرقى إليها ثمّ رمى بنفسه على قفاه وشغر برجليه فإذا أنّه أجبّ امسح مال ممّا للرجال قليل ولا كثير فرجعت فأخبرت النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: "الحمد لله الذي يصرف عنّا السوء أهل البيت"(3). وورد هذا الشأن ذاته في تفسير نور الثقلين ج5 مع اختلاف يسير في العبارات... * * * ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ تفسير مجمع البيان، ج9، ص132. 2 ـ القرطبي، ج9، ص6131. 3 ـ مجمع البيان، ج9، ص132، كما ورد في تفسير نور الثقلين بصورة مسهبة، ج5، ص81.