[457] 2 ـ التقوى، بداية دعوة الأنبياء جميعاً: ممّا يلفت النظر أن قسماً مهماً من قصص هؤلاء الأنبياء ـ الوارد ذكرهم في سورة الشعراء ـ ذكر في سورة هود والأعراف، إلاّ أن في بداية ذكرهم وبيان سيرتهم في اقوامهم الدعوة إلى وحدانية الله ـ عادةً ـ ويُبتدأ في تلك السور عند ذكرهم. بجملة (يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره)! إلاّ أنّه في هذه السورة (الشعراء) ـ كما لاحظنا ـ كانت بداية دعوتهم قومهم (ألا تتقون)... والحق أنّهما تعودان إلى نتيجة واحدة... لأنّه إذا لم تُوجد في الإنسان أدنى مراتب التقوى، وهي طلب الحق، فإنه لا يؤثر فيه شيء، لا الدعوة إلى التوحيد ولا غيرها... لذا فإنّنا نقرأ في بداية سورة البقرة قوله تعالى: (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين). وبالطبع فإنّ التقوى لها مراحل ـ أو مراتب ـ وكل مرتبة هي درجة للرقي إلى المرحلة التالية أو المرتبة الأُخرى... كما نلاحظ اختلافاً آخر بين هذه السورة وسورتي الأعراف وهود، ففي سورتي الأعراف وهود كانت دعوة الأنبياء تتركز على نبذ الأصنام، أمّا المسائل الأُخَر فكانت تحت الشعاع، إلاّ أنه في سورة الشعراء هذه تتركز الدعوة على مكافحة الإنحرافات الأخلاقية والإجتماعية، كالمفاخرة وطلب الإستعلاء، والإسراف، والإنحراف الجنسي، والإستثمار والتطفيف. إلخ... وهذا الأمر يكشف بأن تكرار هذه القصص في القرآن له حساب خاص، ولكلٍّ هدف معين يعرف من السياق! 3 ـ الانحرافات الاخلاقية ممّا يلفت النظر أنّ الاقوام المذكورين في هذه السورة، بالإضافة إلى انحرافهم عن أصل التوحيد نحو الشرك وعبادة الاوثان، الذي يعدّ أصلاً مشتركاً