إليها فإنها غير بديهية وليس المدرك هو الحواس إذ الكليات غير محسوسة فتعين أن يكون النظر ولولا أنه صحيح لما أفضى إلى المطلوب .
فإن قيل ما ذكرتموه في معرض إثبات النظر غير بديهي وإلا وقع اختصاصكم به دوننا فبقى إن يكون نظريا وفيه إثبات النظر بالنظر وهو ممتنع .
فالواجب أن يقال ما ذكرتموه في معرض الإبطال إما أن يكون صحيحا أو فاسدا فإن كان صحيحا فقد أبطلتم النظر بالنظر أيضا وهو ممتنع وإن كان فاسدا فلا حاجة إلى الجواب .
وقولهم إن المطلوب في النظر إن كان معلوما فلا حاجة إلى طلبه وإن كان مجهولا فلا فائدة لطلبه لعدم الوقوف عليه عند الظفر به .
قلنا الشئ قد يكون معلوما من وجه ومجهولا من وجه أعنى معلوما بالقوة ومجهولا بالفعل وذلك إنما يكون عند كون الانسان عالما بقضيه كلية وهو جاهل بما يدخل تحتها بالجزئية أو عالم به لكنه غافل عن الارتباط الواقع بينهما مثال الأول علمنا بأن كل اثنين زوج وجهلنا بزوجية ما في يد زيد مثلا لجهلنا باثنينيته لكن جهلنا به إنما هو جهل بالفعل وإن كان معلوما بالقوة من جهة علمنا بأن كل اثنين زوج .
ومثال الثاني ظن كون البغلة المنتفخة البطن حبلى مع العلم بأنها بغلة وأن كل بغلة عقيم فالعلم بكونها عقيما واقع بالقوة والجهل بذلك إنما هو بالفعل فمستند الجهل في المثال الأول إنما هو عدم العلم بالمقدمة الجزئية وفي الثاني الغفلة عن الارتباط بين المقدمتين فالطلب إذا إنما هو المثل هذا المجهول فإنه مهما ظفر به وعرفه بالفعل