@ 160 @ أحد الخبرين ، لأن الأول مفرد والثاني جملة ، وأن يكون في موضع نصب أي مبرأ من الريب ، وبناء ريب مع لا يدل على أنها العاملة عمل إن ، فهو في موضع نصب ولا وهو في موضع رفع بالابتداء ، فالمرفوع بعده على طريق الإسناد خبر لذلك المبتدأ فلم تعمل حالة البناء إلا النصب في الاسم فقط ، هذا مذهب سيبويه . وأما الأخفش فذلك المرفوع خبر للا ، فعملت عنده النصب والرفع ، وتقرير هذا في كتب النحو . وإذا عملت عمل إن أفادت الاستغراق فنفت هنا كل ريب ، والفتح هو قراءة الجمهور . .
وقرأ أبو الشعثاء : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } بالرفع ، وكذا قراءة زيد بن علي حيث رفع ، والمراد أيضاً هنا الاستغراق ، لا من اللفظ بل من دلالة المعنى ، لأنه لا يريد نفي ريب واحد عنه ، وصار نظير من قرأ : { فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ } بالبناء والرفع ، لكن البناء يدل بلفظه على قضية العموم ، والرفع لا يدل لأنه يحتمل العموم ، ويحتمل نفي الوحدة ، لكن سياق الكلام يبين أن المراد العموم ، ورفعه على أن يكون ريب مبتدأ وفيه الخبر ، وهذا ضعيف لعدم تكرار لا ، أو يكون عملها إعمال ليس ، فيكون فيه في موضع نصب على قول الجمهور من أن لا إذا عملت عمل ليس رفعت الإسم ونصبت الخبر ، أو على مذهب من ينسب العمل لها في رفع الإسم خاصة ، وأما الخبر فمرفوع لأنها وما عملت فيه في موضع رفع بالابتداء كحالها إذا نصبت وبني الإسم معها ، وذلك في مذهب سيبويه ، وسيأتي الكلام مشبعاً في ذلك عند قوله تعالى : { فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجّ } ، وحمل لا في قراءة لا ريب على أنها تعمل عمل ليس ضعيف لقلة إعمال لا عمل ليس ، فلهذا كانت هذه القراءة ضعيفة . وقرأ الزهري ، وابن محيصن ، ومسلم بن جندب ، وعبيد بن عمير ، فيه : بضم الهاء ، وكذلك إليه وعليه وبه ونصله ونوله وما أشبه ذلك حيث وقع على الأصل . وقرأ ابن أبي إسحاق : فهو بضم الهاء ووصلها بواو ، وجوزوا في قوله : أن يكون خبراً للا على مذهب الأخفش ، وخبراً لها مع اسمها على مذهب سيبويه ، أن يكون صفة والخبر محذوف ، وأن يكون من صلة ريب بمعنى أنه يضمر عامل من لفظ ريب فيتعلق به ، إلا أنه يكون متعلقاً بنفس لا ريب ، إذ يلزم إذ ذاك إعرابه ، لأنه يصير اسم لا مطولاً بمعموله نحو لا ضارباً زيداً عندنا ، والذي نختاره أن الخبر محذوف لأن الخبر في باب لا العاملة عمل إن إذا علم لم تلفظ به بنو تميم ، وكثر حذفه عند أهل الحجاز ، وهو هنا معلوم ، فاحمله على أحسن الوجوه في الإعراب ، وإدغام الباء من لا ريب في فاء فيه مروي عن أبي عمرو ، والمشهور عنه الإظهار ، وهي رواية اليزيدي عنه . وقد قرأته بالوجهين على الأستاذ أبي جعفر بن الطباع بالأندلس ، ونفي الريب يدل على نفي الماهية ، أي ليس مما يحله الريب ولا يكون فيه ، ولا يدل ذلك على نفي الارتياب لأنه قد وقع ارتياب من ناس كثيرين . فعلى ما قلناه لا يحتاج إلى حمله على نفي التعليق والمظنة ، كما حمله الزمخشري ، ولا يرد علينا قوله تعالى : { وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ } لاختلاف الحال والمحل ، فالحال هناك المخاطبون ، والريب هو المحل ، والحال هنا منفي ، والمحل الكتاب ، فلا تنافي بين كونهم في ريب من القرآن وكون الريب منفياً عن القرآن . .
وقد قيد بعضهم الريب فقال : لا ريب فيه عند المتكلم به ، وقيل هو عموم يراد به الخصوص ، أي عند المؤمنين ، وبعضهم جعله على حذف مضاف ، أي لا سبب فيه لوضوح آياته وإحكام معانيه وصدق أخباره . وهذه التقادير لا