@ 439 @ الإضافة ويقوى معنى الجزاء ، انتهى . وهذا القول نحن نختاره ، وقد استدللنا على صحته فيما كتبناه ، والتقدير : وقت انشقاق السماء وقت مد الأرض . وقيل : لا جواب لها إذ هي قد نصبت باذكر نصب المفعول به ، فليست شرطاً . .
{ وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا } : أي في إلقاء ما في بطنها وتخليها . والإنسان : يراد به الجنس ، والتقسيم بعد ذلك يدل عليه . وقال مقاتل : المراد به الأسود بن عبد الأسد بن هلال المخزومي ، جادل أخاه أبا سلمة في أمر البعث ، فقال أبو سلمة : والذي خلقك لتركبن الطبقة ولتوافين العقبة . فقال الأسود فأين : الأرض والسماء وما جال الناس ؟ انتهى . وكان مقاتلاً يريد أنها نزلت في الأسود ، وهي تعم الجنس . وقيل : المراد أبيّ بن خلف ، كان يكدح في طلب الدنيا وإيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم ) والإصرار على الكفر . وأبعد من ذهب إلى أنه الرسول صلى الله عليه وسلم ) ، والمعنى : إنك تكدح في إبلاغ رسالات الله تعالى وإرشاد عباده واحتمال الضر من الكفار ، فأبشر فإنك تلقى الله بهذا العمل ، وهو غير ضائع عنده . .
{ إِنَّكَ كَادِحٌ } : أي جاهد في عملك من خير وشر إلى ربك ، أي طول حياتك إلى لقاء ربك ، وهو أجل موتك ، { فَمُلَاقِيهِ } : أي جزاء كدحك من ثواب وعقاب . قال ابن عطية : فالفاء على هذا عاطفة جملة الكلام على التي قبلها ، والتقدير : فأنت ملاقيه ، ولا يتعين ما قاله ، بل يصح أن يكون معطوفاً على كادح عطف المفردات . وقال الجمهور : الضمير في ملاقيه عائد على ربك ، أي فملاقي جزائه ، فاسم الفاعل معطوف على اسم الفاعل . { حِسَاباً يَسِيراً } قالت عائشة رضي الله تعالى عنها : يقرر ذنوبه ثم يتجاوز عنه . وقال الحسن : يجازي بالحسنة ويتجاوز عن السيئة . وفي الحديث : ( من حوسب عذب ) ، فقالت عائشة : ألم يقل الله تعالى { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( إنما ذلك العرض ، وأما من نوقش الحساب فيهلك ) . .
{ وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ } : أي إلى من أعد الله له في الجنة من نساء المؤمنات ومن الحور العين ، أو إلى عشيرته المؤمنين ، فيخبرهم بخلاصه وسلامته ، أو إلى المؤمنين ، إذ هم كلهم أهل إيمان . وقرأ زيد بن علي : ويقلب مضارع قلب مبنياً للمفعول . .
{ وَرَاء ظَهْرِهِ } : روي أن شماله تدخل من صدره حتى تخرج من وراء ظهره ، فيأخذ كتابه بها . قال ابن عطية : وأما من ينفذ عليه الوعيد من عصاتهم ، يعني عصاة المؤمنين ، فإنه يعطى كتابه عند خروجه من النار . وقد جوز قوم أن يعطاه أولاً قبل دخوله النار ، وهذه الآية ترد على هذا القول ، انتهى . والظاهر من الآية أن الإنسان انقسم إلى هذين القسمين ولم يتعرض للعصاة الذين يدخلهم الله النار . { يَدْعُو ثُبُوراً } : يقول : واثبوراه ، والثبور : الهلاك ، وهو جامع لأنواع المكاره . وقرأ قتادة وأبو جعفر وعيسى وطلحة والأعمش وعاصم وأبو عمرو وحمزة : { وَيَصْلَى } بفتح الياء مبنياً للفاعل ؛ وباقي السبعة وعمر بن عبد العزيز وأبو الشعثاء والحسن والأعرج : بضم الياء وفتح الصاد واللام مشددة ؛ وأبو الأشهب وخارجة عن نافع ، وأبان عن عاصم ، وعيسى أيضاً والعتكي وجماعة عن أبي عمرو : بضم الياء ساكن الصاد مخفف اللام ، بني للمفعول من المتعدي بالهمزة ، كما بني ويصلى المشدد للمفعول من المتعدي بالتضعيف . .
{ إِنَّهُ كَانَ فِى أَهْلِهِ مَسْرُوراً } : أي فرحاً بطراً مترفاً لا يعرف الله ولا يفكر في عاقبته لقوله تعالى : { لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ } ، بخلاف المؤمن ، فإنه حزين مكتئب يتفكر في الآخرة . { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } : أي أن لن يرجع إلى الله ، وهذا تكذيب بالبعث . { بَلَى } : إيجاب بعد النفي ، أي بلى ليحورن . { إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً } : أي لا تخفي عليه أفعاله ، فلا بد من حوره ومجازاته . .
{ فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ } : أقسم تعالى بمخلوقاته تشريفاً لها وتعريضاً للاعتبار بها ، والشفق تقدم شرحه . وقال أبو هريرة وعمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة : هو البياض الذي يتلوه الحمرة . وروى أسد بن عمرو أن أبا حنيفة رجع عن قوله هذا إلى قول الجمهور . وقال مجاهد والضحاك وابن أبي نجيح : إن الشفق هنا كأنه لما عطف عليه الليل قال ذلك . قال ابن عطية : وهذا قول ضعيف ،