@ 492 @ الفراء أن ينصب في نحو من هذا الاستثناء ، فأجاز : ما قام إلا زيداً ، على مراعاة ذلك المحذوف ، إذ لو كان لم يحذف ، لجاز النصب ، ولا يجيز ذلك البصريون . .
{ * } : المراد بالفاسقين هنا : الكافرون ، لأن كفر آيات الله تعالى هو من باب فسق العقائد ، فليس من باب فسق الأفعال . وقال الحسن : إذا استعمل الفسق في شيء من المعاصي ، وقع على أعظمه من كفر أو غيره . انتهى . وناسب قوله : بينات لفظ الكفر ، وهو التغطية ، لأن البين لا يقع فيه إلباس ، فعدم الإيمان به ليس لشبهة لأنه بين ، وإنما هو تغطية وستر لما هو واضح بين . وستر الواضح لا يقع إلا من متمرد في فسقه ، والألف واللام في الفاسقون ، إما للجنس ، وإما للعهد ، لأن سياق الآيات يدل على أن ذلك لليهود . وكنى بالفسق هنا عن الكفر ، لأن الفسق : خروج الإنسان عما حدّ له . وقد تقدّم قول الحسن أنه يدل على أعظم ما يطلق عليه ، فكأنه قيل : وما يكفر بها إلا المبالغ في كفره ، المنتهي فيه إلى أقصى غاية . وإلا الفاسقون : استثناء مفرغ ، إذ تقديره : وما يكفر بها أحد ، فنفى أن يكفر بالآيات الواضحات أحد . ثم استثنى الفساق من أحد ، وأنهم يكفرون بها . ويجوز في مذهب الفراء أن ينصب في نحو من هذا الاستثناء ، فأجاز : ما قام إلا زيداً ، على مراعاة ذلك المحذوف ، إذ لو كان لم يحذف ، لجاز النصب ، ولا يجيز ذلك البصريون . .
{ أَوْ * كُلَّمَا * عَاهَدُواْ عَهْدًا } : نزلت في مالك بن الصيف ، قال : والله ما أخذ علينا عهد في كتابنا أن نؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ) ، ولا ميثاق . وقيل في اليهود : عاهدوا على أنه إن خرج لنؤمنن به ولنكوننّ معه على مشركي العرب ، فلما بعث كفروا به . وقال عطاء : هي العهود بينه وبين اليهود نقضوها ، كفعل قريظة والنضير . قال تعالى : { الَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ } . وقرأ الجمهور : أو كلما ، بفتح الواو . واختلف في هذه الواو فقيل : هي زائدة ، قاله الأخفش . وقيل : هي أو الساكنة الواو ، وحركت بالفتح ، وهي بمعنى بل ، قاله الكسائي . وكلا القولين ضعيف . وقيل : واو العطف ، وهو الصحيح . وقد تقدّم أن مذهب سيبويه والنحويين : أن الأصل تقديم هذه الواو ، والفاء ، وثم ، على همزة الاستفهام ، وإنما قدّمت الهمزة لأن لها صدر الكلام . وإن الزمخشري يذهب إلى أن ثم محذوفاً معطوفاً عليه ، مقدّراً بين الهمزة وحرف العطف ، ولذلك قدّره هنا أكفروا بالآيات البينات ؟ { وَكُلَّمَا * عَاهَدُواْ } . وقد رجع الزمخشري عن اختياره إلى قول الجماعة . وقد أمعنا الكلام على ذلك في كتابنا المسمى ( بالتكميل لشرح التسهيل ) . والمراد بهذا الاستفهام : الإنكار ، وإعظام ما يقدمون عليه من تكرر عهودهم ونقضها ، فصار ذلك عادة لهم وسجية . فينبغي أن لا يكترث بأمرهم ، وأن لا يصعب ذلك ، فهي تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم ) ، إذ كفروا بما أنزل عليه ، لأن ما كان ديدناً للشخص وخلقاً ، لا ينبغي أن يحتفل بأمره . وقرأ أبو السمال العدوي وغيره : أو كلما بسكون الواو ، وخرّج ذلك الزمخشري على أن يكون للعطف على الفاسقين ، وقدّره : وما يكفر بها إلا الذين فسقوا ، أو نقضوا عهد الله مراراً كثيرة . وخرجه المهدوي وغيره على أن أو للخروج من كلام إلى غيره ، بمنزلة أم المنقطعة ، فكأنه قال : بل كلما عاهدوا عهداً ، كقول الرجل للرجل ، لأعاقبنك ، فيقول له : أو يحسن الله رأيك ، أي بل يحسن رأيك ، وهذا التخريج هو على رأي الكوفيين ، إذ يكون أو عندهم بمنزلة بل . وأنشدوا شاهداً على هذه الدعوى قول الشاعر : % ( بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى % .
وصورتها أو أنت في العين أملح .
) % .
وقد جاء أو بمعنى الواو في قوله : .
من بين ملجم مهره أو سافع .
وقوله : .
صدور رماح أشرعت أو سلاسل .
يريد : وشافع وسلاسل . .
وقد قيل في ذلك : في قوله خطيئة ، أو إثماً ، أن المعنى : وإنما فيحتمل أن تخرّج هذه القراءة الشاذة على أن تكون أو بمعنى الواو ، كأنه قيل : وكلما عاهدوا عهداً . وقرأ الحسن وأبو رجاء : أو كلما عوهدوا على البناء للمفعول ، وهي قراءة تخالف رسم المصحف . وانتصاب عهداً على أنه مصدر على غيرالصدر ، أي معاهدة ، أو على أنه مفعول على تضمين