@ 36 @ يسوءكم ، مثل الذي قال من أبي ؟ ولكن إذا نزل القرآن بشيء وابتدأكم ربكم بأمر فحينئذ إن سألتم عن بيانه بين لكم وأبدى انتهى . قال ابن عطية : فالضمير في قوله { عَنْهَا } عائد على نوعها لا على الأول التي نهى عن السؤال عنها . .
قال : ويحتمل أن يكون في معنى الوعيد كأنه قال لا تسألوا وإن سألتم لقيتم غب ذلك وصعوبته لأنكم تكلفون وتستعجلون ما يسوءكم كالذي قيل له إنه في النار انتهى . .
وقال الزمخشري { يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ } أي عن هذه التكاليف الصعبة في زمان الوحي وهو ما دام الرسول بين أظهركم يوحى إليه { تُبْدَ لَكُمْ } تلك التكاليف { الَّتِى } وتؤمروا بتحملها فتعرّضوا أنفسكم لغضب الله بالتفريط فيها انتهى . وعلى هذا يكون الضمير في { وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا } عائداً على أشياء نفسها لا على نوعها والذي يظهر أنهم نهوا عن السؤال عن أشياء وصفت بوصفين أحدهما أنها إن سألوا عنها أبديت لهم وقت نزول القرآن فيكون { حِينٍ } ظرفاً لقوله { تُبْدَ لَكُمْ } لا لقوله { وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا } والوصف الثاني أنها إن أبديت لهم ساءتهم وهذا الوصف وإن تقدم مرتب على الوصف المتأخر وإنما تقدم لأنه أردع لهم عن المسألة عن تلك الأشياء أن يسألوا عنها لأنهم إذا أخبروا أنهم تسوءهم تلك المسألة إذا أبديت كانت أنفر عن أن يسألوا بعد ، فما كان هذا الوصف أزجر عن السؤال قدّم وتأخر الوصف في الذكر الذي ليس فيه زجر ولا ردع واتكل في ذلك على فهم المعنى مع أن غطف الوصف الثاني بالواو يقتضي التشريك فقط دون الترتيب ، ولا يدل قوله وإن تسألوا عنها على جواز السؤال كما زعم بعضهم فقال : الضمير عائد على أشياء فكيف يفعل أشياء بأعيانها أن يكون السؤال عنها ممنوعاً وجائزاً معاً . وأجاب بوجهين أحدهما أن يكون ممنوعاً قبل نزول القرآن مأموراً به بعد نزوله الثاني أنهما وإن كانا غير مختلفين إلا أنهما في كون كل واحد منهما مسؤولاً عنه شيء واحد ، فلهذا الوجه حسن اتحاد الضمير ، انتهى . وهذا ليس بجواب ثان لأنه فرض أن تلك الأشياء بأعيانها ، السؤال عنها ممنوع وجائز وإذا كانا نوعين مختلفين فليست الأشياء بأعيانها وجملة الشرط كما ذكرناه لا تدل على الجواز ألا ترى أنك تقول لا تزن وإن زنيت حددت فقوله وإن زنيت حددت لا يدل ذلك على الجواز بل جملة الشرط لا تدل على الوقوع بل لا تدل على الإمكان إذ قد يقع التعليق بين المستحيلين كقوله لئن أشركت ليحبطن عملك . .
{ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا } ظاهره أنه استئناف إخباره من الله تعالى ، وذهب بعضهم إلى أنها في موضع جر صفة لأشياء كأنه قيل لا تسألوا عن أشياء معفو عنها ويكون معنى عفا أي ترك لكم التكليف فيها والمشقة عليكم بها لقوله إن الله قد عفا لكم عن صدقة الخيل ، وهو القول الأول وهو الاستئناف يحتمل أن يكون المعنى هذا أي تركها الله ولم يعرفكم بها ويحتمل أن يكون المعنى أنه تجاوز عن ارتكابكم تلك السؤالات ولم يؤاخذكم بها ويدل على هذا المعنى قوله : { وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } ولذلك قال الزمخشري عفا الله عنكم ما سلف عن مسألتكم فلا تعودوا إلى مثلها . .
{ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } لا يؤاخذكم بما يفرط منكم بعقوبته خرّج الدارقطني عن أبي ثعلبة الخشني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : ( إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحرم حرمات فلا تنتهكوها وحدّ حدوداً فلا تعتدوها وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها ) . وروى أبو سلمة عن أبي هريرة