@ 524 @ المضارعة بقانون كلي ، وما ظنه من أنها لغة قرشية ليس كما ظنّ . وقد بينا ذلك في { نَسْتَعِينُ } وتقدّم تفسير : القنطار ، في قوله : { وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ } . .
وقرأ الجمهور : يؤده ، بكسر الهاء ووصلها بياء . وقرأ قالون باختلاس الحركة ، وقرأ أبو عمرو ، وأبو بكر ، وحمزة ، والأعمش بالسكون . قال أبو إسحاق : وهذا الإسكان الذي روي عن هؤلاء غلط بيِّن ، لأن الهاء لا ينبغي أن تجزم ، وإذا لم تجزم فلا يجوز أن تسكن في الوصل . وأما أبو عمرو فأراه كان يختلس الكسرة ، فغلطب عليه كما غلط عليه في : بارئكم ، وقد حكى عنه سيبويه ، وهو ضابط لمثل هذا ، أنه كان يكسر كسراً خفيفاً . انتهى كلام ابن إسحاق . وما ذهب إليه أبو إسحاق من أن الإسكان غلط ليس بشيء ، إذ هي قراءة في السبعة ، وهي متواترة ، وكفى أنها منقولة من إمام البصريين أبي عمرو بن العلاء . فإنه عربي صريح ، وسامع لغة ، وإمام في النحو ، ولم يكن ليذهب عنه جواز مثل هذا . .
وقد أجاز ذلك الفراء وهو إمام في النحو واللغة . وحكى ذلك لغة لبعض العرب تجزم في الوصل والقطع . .
وقد روى الكسائي أن لغة عقيل وكلاب : أنهم يختلسون الحركة في هذه الهاء إذا كانت بعد متحرك ، وأنهم يسكنون أيضاً . قال الكسائي : سمعت أعراب عقيل وكلاب يقولون : { لِرَبّهِ لَكَنُودٌ } بالجزم ، و : لربه لكنود ، بغير تمام وله مال وغير عقيل وكلاب لا يوجد في كلامهم اختلاس ولا سكون في : له ، وشبهه إلاَّ في ضرورة نحو قوله . .
له زجل كأنه صوت حاد .
وقال : .
إلا لأن عيونه سيل واديها .
ونص بعض أصحابنا على أن حركة هذه الهاء بعد الفعل الذاهب منه حرف لوقف أو جزم يجوز فيها الإشباع ، ويجوز الاختلاس ، ويجوز السكون . وأبو إسحاق الزجاج ، يقال عنه : إنه لم يكن إماماً في اللغة ، ولذلك أنكد على ثعلب في كتابه : ( الفصيح ) مواضع زعم أن العرب لا تقولها ، وردّ الناس على أبي إسحاق في إنكاره ، ونقلوها من لغة العرب . وممن ردّ عليه : أبو منصور الجواليقي ، وكان ثعلب إماماً في اللغة وإماماً في النحو على مذهب الكوفيين ، ونقلوا أيضاً قراءتين : إحداهما ضم الهاء ووصلها بواو ، وهي قراءة الزهري ، والأخرى : ضمها دون وصل ، وبها قرأ سلام . .
والباء في : بقنطار ، وفي : بدينارد قيل : للإلصاق . وقيل : بمعنى على ، إذا الأصل أن تتعدى بعلى ، كما قال مالك : { لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ } وقال : { هَلْ امَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ } وقيل : بمعنى في أي : في حفظ قنطار ، وفي حفظ دينار . والذي يظهر أن القنطار والدينار مثالان للكثير والقليل ، فيدخل أكثر من القنطار وأقل . وفي الدينار أقل منه . .
قال ابن عطية : ويحتمل أن يريد طبقه يعني في الدينار لا يجوز إلاَّ في دينار فما زاد ، ولم يعن بذكر الخائنين في : أقل ، إذ هم طغام حثالة . انتهى . .
ومعنى : { إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا } قال قتادة ، ومجاهد ، والزجاج ، والفراء ، وابن قتيبة : متقاضياً بأنواع التقاضي من : الخفر ، والمرافعة إلى الحكام ، فليس المراد هيئة القيام ، إنما هو من قيام المرء على أشغاله : أي اجتهاده فيها . .
وقال السدي وغيره : قائماً على رأسه وهي الهيئة المعروفة وذلك نهاية الخفر ، لأن معنى ذلك الخفر ، لأن معنى ذلك أنه في صدد شغل آخر يريد أن يستقبله . وذهب إلى هذا التأويل جماعة من الفقهاء ، وانتزعوا من الآية جواز السجن ، لأن الذي يقوم عليه غريمه هو يمنعه من تصرفاته في غير القضاء ، ولا فرق بين المنع من التصرفات وبين السجن . وقيل : قائماً بوجهك فيها بك ويستحي منك . وقيل : معنى : دمت عليه قائماً ، أي : مستعلياً ، فإن استلان جانبك لم يؤدّ إليك أمانتك . .
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ، ويحيى بن وثاب ، والأعمش ، وابن