عنهم فنقول لهم هذا نفس ماأنكرتم من أنه تعالى سخط تدبيره وغضب من فعله وكره ما خلق ولعنه فإن قالوا لم يكره عين الكافر ولا سخط شخص إبليس ولا كره عين الخمر لم نسلم لهم ذلك لأنه تعالى قد نص علىأنه تعالى لعن إبليس والكفار وأنهم مسخوطون ملعونون مكروهون من الله تعالى مغضوب عليهم وكذا الخمر والأوثان وقال إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه وقال تعالى ولحم الخنزير فإنه رجس وقد سمى الله تعالى كل ذلك رجسا ثم أمر بعد ذلك باجتنابه وأضاف كل ذلك إلى عمل الشيطان ولا خلاف في أنه D خالق كل ذلك فهو خلق الرجس بالنص ولا فرق في المعقول بين خلق الرجس وخلق الكفر والظلم والكذب وقوله تعالى ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها فعلى قول هؤلاء المخاذيل أنه تعالى يغضب مما ألهم ويكرهه وإلهامه فعله بلا شك ضرورة فقد صح عليهم ما شنعوا به من أنه يغضب من فعله أيضا فيقال لهم هل الله تعالى قادر على منع الظالم من المظلوم وعلى منع الذين قتلوا رسل الله A وعلى أن يحول بين الكافر وكفره وأن يميته قبل أن يبلغ وبين الزاني وزناه بأضعاف جارحته أو بشيء يشغله به أو تيسير إنسان يطل عليهما أم هو عاجز عن ذلك كله قادر على شيء منه ولا سبيل إلى قسم ثالث فإن قالوا هو غير قادر على شيء من ذلك عجزوا ربهم وكفروا وبطلت أداتهم على إحداث العالم إذا أضعفوا قدرته عن هذا اليسير السهل وإن قالوا بل هو قادر على ذلك كله فقد اقروا ايضا على أنه تعالى رأى المنكر والكفر والزنا والظلم فأقره ولم يغيره وأطلق أيدي الكفار على قتل رسله وضربهم ومع إقراره لكل ذلك فلم يكتفي بكل ذلك إلا حتى قواهم بجوارحهم وآلاتهم وكف كل مانع وهذا على قولهم أنه رضا منه تعالى بالكفر واختيارا منه تعالى لكل ذلك وهذا كفر مجرد وأما أنه يغضب مما أقر ويسخط مما أعان عليه ويكره ما فعل من إقرارهم على كل ذلك وهذا هو الذي شنعوا به لا بد من أحد الوجهين ضرورة وكلاهما خلاف قولهم إلا أن هذا لازم لهم على أصولهم ولا يلزمنا نحن شيء منه لأننا لا نقبح إلا ما قبح الله تعالى ولا نحسن إلا ما حسن الله تعالى فإن قالوا إنما أقره لينتقم منه وإنما يكون سفها وعبثا لواقره أبدا قيل لهم أي فرق بين إقراره تعالى الكفر والظلم والكذب ساعة وبين إبقائه إياه ساعة بعد ساعة وهكذا أبدا بلا نهاية أو بنهاية في الحسن والقبح وإلا فعرفونا الأمد الذي يكون إقرار الكفر والكذب والظلم إليه حكمة وحسنا وإذا تجاوزه صار عبثا وعيبا وسفها فإن تكلفوا أن يحدوا في ذلك حدا أتوا بالجنون والسخف والكذب والدعوى التي لا يعجز عنها أحد وإن قالوا لا ندري وردوا الأمر في ذلك إلى الله عزو جل صدقوا وهذا هو قولنا أن كل ما فعله الله تعالى من تكليف ما لا يطاق وتعذيبه عليها وخلقه الكفر والظلم في الكافر والظالم وإقراره كل ذلك ثم تعذيبهما عليه وخلقه الكفر وغضبه منه وسخطه إياه كل ذلك من الله تعالى حكمه وعدل وحق وممن دونه تعالى سفه وظلم وباطل لا يسأل عما يفعل وهم يسألون وأما قولهم أن من فعل شيئا وجب أن ينسب إليه ويسمى به نفسه وأنه لا يعقل ولا يوجد غير هذا وإيجابهم بهذا الاستدلال أن يسمى الله تعالى ظالما لأنه خلق الظلم وكذلك من الكفر والكذب فهذا ينتقض عليهم من وجهين أحدهما أن هذا تشبيه محض لأنهم يريدون أن يحكموا على الباري تعالى بالحكم الموجود الجاري على