وعلى أنفه من القبع مطة وعليه ثوب مرقوع لطير الحرق عليه وقوع يهينم بذكر مسموع وينبىء عن وقت مجموع فلما مثل سلم وما نبس بعدها ولا تكلم فأشار إليه الملك فقعد بعد أن انشمر وابتعد وجلس فما استرق النظر ولا اختلس أنما حركة فكرة معقودة بزمام ذكره ولحظات اعتباره فى تفاصيل أخباره فابتدره الرشيد سائلا وانحراف إليه مائلا وقال ممن الرجل فقال فارسى الأصل أعجمى الجنس عربى الفصل قال بلدك وأهلك وولدك قال أما الولد فولد الديوان وأما البلد فمدينة الإيوان قال النحلة وما اعملت إليه الرحلة قال أما الرحلة فالاعتبار وأما النحلة فالأمر الكبار قال فنك الذى اشتمل عليه دنك فقال الحكمة فنى الذى جعلته أثيرا وأضجعت فيه فراشا وثيرا وسبحان الذى يقول ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا ) البقرة وما سوى ذلك فتبع ولى فيه مصطاف ومرتبع قال فتعاضد جذل الرشيد وتوفر كأنما أغشى وجهه قطعة من الصبح إذا اسفر وقال ما رأيت كالليلة أجمع لأمل وأنعم شارد بمؤانسة وارد يا هذا إنى سائلك ولن تخيب بعد وسائلك فأخبرنى ما عندك فى هذا الأمر الذى بلينا بحمل أعبائه ومنينا بمراوضة إنائه فقال هذا الأمر قلادة ثقيلة ومن خطة العجز مستقيلة ومفتقرة لسعة الذرع وربط السياسة المدنية بالشرع يفسده الحكم فى غير محله ويكون ذريعة إلى حله ويصلحه مقابلة الشكل بشكله ومن لم يكن سبعا آكلا تداعت سباع إلى أكله .
فقال الملك أجملت ففصل وبريت فنصل وكلت فأوصل وانثر الحب لمن يحوصل واقسم السياسة فنونا واجعل لكل لقب قانونا وابدأ بالرعية وشروطها المرعية