عن النواب في نياباتهم متصاغرة متضائلة بالنسبة إلى ما يصدر من أبواب الخلافة من الولايات فلذلك لم يقع مما كتب منها ما تتوفر الدواعي على نقله ولا تنصرف الهمم لتدوينه مع تطاول الأيام وتوالي الليالي .
الحالة الثانية ما كان عليه أمر الدولة الطولونية من حين قيام دولتهم إلى انقراض الدولة الإخشيدية .
وقد تقدم أن أحمد بن طولون أول من أخذ في ترتيب الملك وإقامة شعار السلطنة بالديار المصرية ولما شمخ سلطانه وارتفع بها شانه أخذ في ترتيب ديوان الإنشاء لما يحتاج إليه في المكاتبات والولايات فاستكتب ابن عبد كان فأقام منار ديوان الإنشاء ورفع مقداره وكان يفتتح ما يكتبه عنه في الولايات بلفظ إن أولى كذا أو إن أحق كذا وما أشبه ذلك .
وهذه نسخة عهد كتب به ابن عبد كان عن أحمد بن طولون بقضاء برقة ترشد إلى ما عداها من ذلك وهي .
إن أحق من آثر الحق وعمل به وراقب الله في سر أمره وجهره واحترس من الزيغ والزلل في قوله وفعله وعمل لمعاده ورجعته إلى دار فاقته وفقره ومسكنته من جعل بين المسلمين حاكما وفي أمورهم ناظرا فأراق الدماء وحقنها وأحل الفروج وحرمها وأعطى الحقوق وأخذها ومن علم أن الله تبارك وتعالى سائله عن مثقال الذرة من عمله وأنه إنما يتقلب في قبضته أيام