وبويع بعده ابنه الواثق يحيى بن المستنصر ليلة موت أبيه فأحسن السيرة وبسط في الرعية العدل والعطاء وبعث إليه أهل بجاية بالبيعة وخرج عليه عمه أبو إسحاق أخو المستنصر ودخل بجاية وبايعه أهلها في ذي العقدة سنة سبع وسبعين وسبعمائة واستولى على قسنطينة وقوي أمره ببجاية وما معها وبلغ ذلك الواثق بن المستنصر فتيقن ذهاب الملك منه فانخلع عن الأمر لعمه أبي إسحاق إبراهيم بن يحيى ومن هناك عرف بالمخلوع وأشهد على نفسه بذلك في أول ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وستمائة وبلغ ذلك السلطان أبا إسحاق فسار إلى تونس ودخلها في نصف ربيع الاخر من السنة المذكورة واستولى على المملكة جميعها واعتقل الواثق وبنيه ثم دس عليهم من ذبحهم في الليل في صفر سنة تسع وسبعين وستمائة وبقي حتى خرج عليه أحمد بن روق بن أبي عمارة من بيوتات بجاية الطارئين عليها من المسيلة سنة إحدى وثمانين وستمائة وكان شبيها بالفضل بن يحيى المخلوع فعرف بالدعي واستولى على تونس بعد خروج السلطان أبي إسحاق منها ولحق أبو إسحاق ببجاية فمنعه ابنه الأمير أبو فارس عبد العزيز من الدخول إليها فانخلع له عنها وأشهد عليه بذلك ودعا الناس إلى بيعته في اخر ذي القعدة من السنة المذكورة فبايعوه وتلقب بالمعتمد ثم كان بين الدعي والأمير أبي فارس واقعة قتل فيها الأمير أبو فارس في سنة ثنتين وثمانين وستمائة .
وخرج السلطان أبو إسحاق فلحق بتلمسان ومعه ابنه الأمير أبو زكريا ودخل أهل بجاية في طاعة الدعي .
ثم خرج على الدعي الأمير أبو حفص عمر بن يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص فكانت بينهما حرب انهزم الدعي في اخرها .
واستولى أبو حفص على تونس وسائر المملكة وتلقب بالمستنصر واختفى الدعي ثم ظفر به أبو حفص بعد ذلك وقتله وبايعه أهل تلمسان وطرابلس وما بينهما .
وخرج الأمير أبو زكريا يحيى ابن السلطان أبي إسحاق على بجاية وقسنطينة فملكهما واقتطعهما عن مملكة افريقية وقسم دولة الموحدين بدولتين