هذا الشاعر أشار في تلميح نيته إلى قول ابن سكرة .
( جاء الشتاء وعندي من حوائجه ... سبع إذا القطر عن حاجاتنا حبسا ) .
( كن وكيس وكانون وكأس طلا ... بعد الكباب وكس ناعم وكسا ) .
ومن أظرف ما وقع هنا أن امرأة من أهل الحذق والظرافة قيل لها من أنت وكانت ملتفة في كساء فقالت أنا السادس في السابع أشارت في تلميحها اللطيف إلى السادس والسابع من قول ابن سكرة فكأنها قالت أنا الكس الناعم في الكساء .
ونظم بعضهم هذا المعنى في بيتين فقال .
( رأيتها ملفوفة في كسا ... خوفا من الكاشح والطامع ) .
قلت لها من أنت يا هذه ... قالت أنا السادس في السابع ) .
وهذا غاية لا تدرك في باب التلميح .
ومن هذا القبيل قول الحريري في المقامات وإني والله لطالما تلقيت الشتاء بكافاته وأعددت له أهبا قبل موافاته ومثله قوله في المقامات أيضا فبت بليلة نابغية .
يشير إلى قول النابغة .
( فبت كأني ساورتني ضئيلة ... من الرقش في أنيابها السم ناقع ) .
والضيئلة هي الحية الدقيقة .
ومن لطائف التلميح قصة الهذلي مع منصور بني العباس فإنه حكي أن المنصور وعد الهذلي بجائزة ونسي فحجا معا ومرا في المدينة النبوية ببيت عاتكة فقال الهذلي يا أمير المؤمنين هذا بيت عاتكة التي يقول فيها الأحوص .
( يا بيت عاتكة التي أتغزل ... حذر العدا وبه الفؤاد موكل ) .
فأنكر عليه أمير المؤمنين لأنه تكلم من غير أن يسأل .
فلما رجع الخليفة نظر في القصيدة إلى آخرها ليعلم ما أراد الهذلي بإنشاد ذلك البيت من غير استدعاء فإذا فيها .
( وأراك تفعل ما تقول وبعضهم ... مذق اللسان يقول ما لا يفعل )