ثم أقبل عبد الملك يذم الدنيا فقال إن طويلك لقصير وإن كثيرك لقليل وإن كنا منك لفي غرور ثم أقبل على جميع ولده فقال أوصيكم بتقوى الله فإنها عصمة باقية وجنة واقية فالتقوى خير زاد وأفضل في المعاد وهي أحصن كهف وليعطف الكبير منكم على الصغير وليعرف الصغير حق الكبير مع سلامة الصدور والأخذ بجميل الأمور وإياكم والبغي والتحاسد فيهما هلك الملوك الماضون وذوو العز المكين يا بني أخوكم مسلمة نابكم الذي تفرون عنه ومجنكم الذي تستجنون به اصدروا عن رأيه وأكرموا الحجاج فإنه الذي وطأ لكم هذا الأمر كونوا أولادا أبرارا وفي الحروب أحرارا وللمعروف منارا وعليكم السلام .
176 - خطبة للوليد بن عبد الملك بعد دفن أبيه توفي سنة 96ه .
لما رجع الوليد من دفن عبد الملك لم يدخل منزله حتى دخل المسجد ونادى في الناس الصلاة جامعة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إنه لا مؤخر لما قدم الله ولا مقدم لما أخر الله وقد كان من قضاء الله وسابق علمه وما كتب على أنبيائه وحملة عرشه من الموت موت ولي هذه الأمة ونحن نرجو أن يصير إلى منازل الأبرار للذي كان عليه من الشدة على المريب واللين على أهل الفضل والدين مع ما أقام من منار الإسلام وأعلامه وحج هذا البيت وغزو هذه الثغور وشن الغارات على أعداء الله فلم يكن فيها عاجزا ولا وانيا ولا مفرطا فعليكم أيها الناس بالطاعة ولزوم الجماعة فإن الشيطان مع الفذ وهو من الجماعة أبعد واعلموا أنه من أبدى لنا ذات نفسه ضربنا الذي فيه عيناه ومن سكت مات بدائه ثم نزل