في ليلة نفر كأنكم بها مطرحة تعبر فيها المواشى وتنبو العيون عن خبرها المتلاشى ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم ) ما بعد المقيل إلا الرحيل ولا بعد الرحيل إلا المنزل الكريم أو المنزل الوبيل وإنكم تستقبلون أهوالا سكرات الموت بواكر حسابها وعتب أبوابها فلو كشف الغطاء عن ذرة منها لذهلت العقول وطاشت الألباب وما كل حقيقة يشرحها الكلام ( يأيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) أفلا أعددتم لهذه الورطة حيلة وأظهرتم للاهتمام بها مخيلة اتعويلا على عفوه مع المقاطعة وهو القائل في مقام التهديد ( إن عذابى لشديد ) أأمنا من مكره مع المنابذة ( ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) أطمعا في رحمته مع المخالفة وهو يقول ( فسأكتبها للذين يتقون ) أمشاقة ومعاندة ( ومن يشاقق الله فإن الله شديد العقاب ) أشكا في الله فتعالوا نعيد الحساب ونقرر العقد ونتصف بدعوة الحق أو غيرها من اليوم يفقد عقد العقائد عند التساهل بالوعيد فالعامي يدمي الأصبع الوجعة والعارف يضمد لها مبدأ العصب .
( هكذا هكذا يكون التعامي ... هكذا هكذا يكون الغرور ) .
( يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون ) وما عدا مما بدا ورسولكم الحريص عليكم الرءوف الرحيم يقول لكم الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني فعلام بعد هذا المعول وماذا يتأول اتقوا الله تعالى في نفوسكم وانصحوها واغتنموا فرص الحياة وارتجوها ( أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت